بعد سنوات من فقدانه لبصره، ينحني حمد طلحة، وهو مقاتل سابق بصفوف المعارضة، على هاتفه المحمول في فصل خاو، مصغيا إلى صوت آلي ساعد في ترجمته.
وفي جمعية نادرة للمكفوفين في محافظة حلب بشمال سوريا، يساعد أحمد حوالي عشرة آخرين في مثل ظروفه على تحسين استخدامهم للهواتف الذكية باستخدام تطبيق لقراءة الشاشة.
ويقول طلحة البالغ 24 عاما، والذي أغلقت عيناه بشكل دائم مع وجود ندبة أرجوانية تحت عينه اليمنى، إن "كل كفيف يتمنى أن يكون لديه أفضل جهاز وأفضل كمبيوتر وأفضل أدوات".
وفي المركز الذي يقع في بلدة عنجارة التي تسيطر عليها قوات المعارضة، يمسك رجال من كافة الأعمار وصبي مراهق بهواتفهم ويخفضون رؤوسهم للاستماع للتعليمات بتركيز.
ويقول المعلم محمد رمضان، الذي يرتدي سترة جلدية بنية ونظارة شمسية تخفي عينيه، "حسنًا يا شباب، الجميع يفتحون تطبيق الواتساب".
وفيما يحاول الطلاب العثور على تطبيق الرسائل، ينخرط الصف الدراسي في نشاز منخفض من الأصوات الاصطناعية التي ترشدهم عبر الرموز غير المرئية.
وهذه الأصوات هي لذكور وإناث، وبعضها أسرع ثلاثة أضعاف من السرعة العادية.
ويقول طلحة إنه وجد تطبيق قراءة الشاشة على شبكة الإنترنت باللغة الإنكليزية ومن ثم قام بترجمته إلى اللغة العربية بمساعدة أصدقائه.
’قليل من الرومانسية‘
يبين التطبيق للمستخدم الصفحة التي يتصفحها وماذا يمكن أن يفعل بها ويقرأ النص الذي يقابله.
وكان طلحة، وهو طالب علوم حاسوب، قد انضم للمعركة ضد نظام الرئيس بشار الأسد بعد عام من اندلاع الحرب الأهلية عام 2012.
لكن بعد عامين، أدت إصابة بطلق ناري في رأسه إلى فقدانه لبصره.
ويقول الشاب ذو اللحية السمراء القصيرة "لم أستسلم وتابعت حياتي".
تزوج طلحة زوجته الأولى ثم زوجة ثانية، وعاد إلى دراسته. وهو حاليا بصدد الارتباط بفتاة كفيفة.
ويقول وهو ينظر عبر النافذة إلى ضوء الشمس بالخارج، "لا أزال أرى ضوءً قليلا في عيني اليمني".
ويضيف أحمد الذي لديه ثلاثة أبناء، "أشعر بظلام مع القليل من الرومانسية، كأن هناك شمعة مضاءة في غرفة كبيرة".
في بيته، يساعد طلحة طفلته عائشةالتي تبلغ عاما واحدا على مشي خطواتها الأولى بالإمساك بذراعيها الصغيرين قبل أن يلاعب طفله حسنالذي يبلغ ثلاثة أعوام ويطلب منه أن يفتح تطبيق يوتيوب على الهاتف الخلوي.
ومنذ ثلاثة أشهر، وضعت زوجته الأولى ابنة أخرى.
كرة القدم
وتقول زوجته الأولى سامية التي تغطي وجهها بنقاب أسود يُظهر عينيها المزينتين "نحن لا ينقصنا شيء في الحياة".
وتصف زوجها قائلة "لا شيء يوقفه. صحيح أنه فقد بصره، لكن لديه بصيرة".
وفي هذا العام، ساعد طلحةفي إنشاء أول جمعية للمكفوفين في المنطقة واسمها "قلوب مبصرة".
ويقول إنها "بيت للمكفوفين، حيث أننا نجتمع وننشط ونطالب بحقوقنا".
ويقع مقر الجمعية، التي تحصل على معظم تمويلها ذاتيا مع وجود تبرعات قليلة، في مبنى من طابق واحد تم طلاء واجهته مؤخرًا.
ويصل حوالي 12 شخصا لحضور درس اليوم سيرا على الأقدام بمساعدة أصدقاء، أو على متن حافلة صغيرة رمادية متهالكة.
بدوره، يقول مدير الجمعية أحمد خليل إن المركز الجديد يسعى لمساعدة من فقدوا بصرهم في الحرب التي استمرت سبعة أعوام، بما في ذلك في الغارات الجوية.
وأضاف وهو جالس في مكتبه مرتديا سترة بنية اللون أن "الجمعية تهدف لإخراج المكفوفين من عزلتهم".
وتابع أنه منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر، قدم ثمانية متطوعين الدعم النفسي وأيضا التدريب على استخدام الهواتف المحمولة وجهاز الحاسوب الوحيد بالمركز.
ويوضح طلحة أنهم يشاركون كذلك في المزيد من الأنشطة الترفيهية، مثل الشطرنج وكرة القدم باستخدام كرة خاصة مزودة بجرس.