لبنان يسعى للحد من الفقر

تعتبر عائلة جميل يوسف المؤلفة من ستة أفراد من بين أفقر العائلات في لبنان.

"أنا معدم الحال"، قال يوسف الذي يسكن في منطقة النبعة المكتظة بالسكان والتابعة لبلدية برج حمود شرقي بيروت.

وأضاف: "بالكاد أجني 10 آلاف ليرة لبنانية (6.63 دولار) يوميا من جمع الخردة، وهذا المبلغ لا يساعدني على إطعام أطفالي أو إرسالهم إلى المدرسة".

وأوضح للمشارق:"لدي خمسة أطفال بعمر الدراسة وهم لا يرتادون المدرسة"، مضيفا أنه عاجز حتى عن شراء الطعام لهم.

ويواجه جيرانه في المنطقة المنكوبة بالفقر المشاكل نفسها.

أمثال يوسف وعائلته كثر في لبنان حيث تجاوزت نسبة الفقر عتبة الـ 30 بالمائة، وفق وزارة الشؤون الإجتماعية.

وبلغ عدد العائلات الفقيرة نحو 41 ألف عائلة -أي ما مجموعه 229 ألف مواطن- يعتبر بين 8 و12 في المائة منها من الأسر الأكثر فقرا في البلاد.

وقال مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية، القاضي عبد الله أحمد، إن الفقر المدقع يتركز في معظمه بشمال البلاد وفي منطقة البقاع.

وأضاف للمشارق أن "هذا العدد مرشح للأسف للإرتفاع وفقا لما تؤكده المؤشرات الاقتصادية غير المشجعة".

وتابع: "نتحدث هنا عن فقر متعدد الأبعاد، أي فقر في المال والصحة والتربية وخدمات البنى التحتية".

وكشف أحمد أن "وزارة الشؤون الإجتماعية تعمل على تنفيذ استراتيجية للحماية الاجتماعية تستفيد منها الأسر اللبنانية كافة وليس الفقيرة فقط".

وأردف: "لدينا 238 مركزا للخدمات الإنمائية تقدم الرعاية للمواطنين وموزعة في جميع أنحاء لبنان، بينها 114 مركزا يعملون على خدمة الأسر الفقيرة".

وأوضح أن سلة الخدمات تتضمن تغطية تكلفة التسجيل في المدارس الرسمية ونسبة من فاتورة الإستشفاء، إضافة إلى استفادة البعض من خدمات صحية أولية مجانية.

مساعدة الشباب الفقراء على إيجاد فرص عمل

وتابع أحمد أن 10 آلاف أسرة من بين الأكثر فقرا، يستفيدون من بطاقة غذائية تشمل خمسة من أفراد العائلة الواحدة. وفي حال كانت الأسرة مؤلفة من أكثر من خمسة أفراد، يخصص لكل واحد من الباقين مبلغ 27 دولارا أميركيا.

وأشار أحمد إلى أن الوزارة "بهدف تطبيق أفضل لشبكة الأمان الاجتماعي، باشرت الوزارة بزيارة الأسر لتسجيل الولادات الحديثة، [وإصدار] المستندات الضرورية".

ولفت إلى أن الوزارة باشرت أيضاً بتطبيق مشروع "التخريج"، وهو مشروع تجريبي يهدف إلى مساعدة شباب العائلات الفقيرة.

وكجزء من هذا المشروع، باشرت الوزارة بإجراء مسح في محافظات الشمال وعكار والبقاع وبعلبك- الهرمل، لمعرفة الحاجات إلى اليد العاملة فيها كما الإستثمارات التي يمكنها توفير فرص عمل".

وقال أحمد إن المشروع يستهدف في مرحلته التجريبية 670 أسرة لإخراجهم من الفقر المدقع، عبر توفير التدريب على بعض المهارات والصناعات، وفق حاجة كل محافظة.

وبعد الانتهاء من التدريب، يزود المتخرجين بمبلغ يتراوح بين 3000 و7000 آلاف دولار أميركي، يسمح لهم بفتح إستثمار منتج يؤمن لهم دخلا ماليا.

وأكد أحمد أن وزارة الشؤون الاجتماعية توفر الرعاية الصحية الأولية والاستشفاء والتسجيل في المدارس، وذلك من خلال نقل إعتمادات من احتياطي الموازنة ومن البنك الدولي.

أما البطاقة الغذائية، فهي من ممولة بشكل رئيس من ألمانيا بمساهمة من الإتحاد الأوروبي.

ارتفاع معدل الفقر في المناطق النائية

من جانبه، لفت الخبير في شؤون التنمية أديب نعمه إلى أن "ثلث اللبنانيين هم فقراء"، وأن "5 في المائة منهم فقراء جدا ويتوزعون على مختلف المناطق".

وقال إن نسبة الفقر تنخفض في بيروت وفي القسم الأكبر من جبل لبنان إلى 15 في المائة، فيما ترتفع النسبة إلى 60 في المائة في الأطراف، ل اسيما في عكار والضنية شمالا، وبعلبك الهرمل بقاعا، ومرجعيون وحاصبيا جنوبا، وداخل المدن كمدينة طرابلس.

ورأى نعمة أن لبنان "بحاجة الى استراتيجية وطنية للتنمية الإجتماعية، على ألا تكون سياسة مكافحة الفقر معزولة عن السياسات الاجتماعية العامة".

وختم مشيرا إلى أن مكافحة الفقر "تتطلب أيضا الإنماء المتوازن للمناطق الفقيرة، وخطط تنمية محلية وفق حاجة كل منطقة".