تدمر الألغام الأرضية والمتفجرات التي زرعها الحوثيون (أنصار الله) والتي ربطت جنائيا بإيران، حياة المدنيين اليمنيين المعرضين لها.
وبالنسبة لعماد وشقيقته علياء، لن تعود الحياة إلى سابق عهدها بعد أن قتل والدهما جراء لغم أرضي، وأجبرا على مغادرة منزلهما المعرض للخطر في محافظة الحديدة في غرب اليمن.
وبسبب محاصرة المنزل بالذخائر القاتلة، ترك الطفلان ووالدهما قرية الدنين ولجأوا إلى مخيم الوعرة في ناحية الخوخة، على بعد نحو 30 كيلومترا من مدينة حيس.
وقالت والدتهما فتحية فرتوت إن الحوثيين المنسحبين من المنطقة زرعوها بالألغام.
وقد قتل زوجها على طريق "مليء بالألغام الأرضية" أثناء توجهه إلى السوق.
ويتم اكتشاف أعداد متزايدة من المتفجرات المزروعة على شكل صخور، في أنحاء مختلفة من اليمن، بحسب مجموعة تعقب للأسلحة ربطت هذه المتفجرات بإيران.
ʼتهديد على المدى الطويلʻ
وفي تقرير صدر في آذار/مارس، قالت مؤسسة "أبحاث التسليح أثناء الصراعات" التي تحدد وتتعقب الأسلحة والذخيرة التقليدية المستخدمة في الصراعات المسلحة الحالية، إن هذه الأجهزة تشبه قنابل تم اكتشافها في العراق وفي لبنان.
وذكر التقرير أن الأجهزة التي تم اكتشافها في العراق ولبنان ربطت في السابق جنائيا بإيران، لافتا إلى أن تلك التي اكتشفت في اليمن قد أنشأت وصممت بالطريقة نفسها.
وتصنف هذه القنابل كعبوات ناسفة، وهي مجهزة بإمكانية تحكم عن بعد ويتم بإطلاقها باستخدام مفاتيح سلبية بالأشعة تحت الحمراء.
ويتم إخفاؤها عادة بصخور اصطناعية.
واليمن من الدول الموقعة على معاهدة حظر الألغام التي تعرف أيضا باتفاقية أوتاوا التي أصبحت سارية في 1999 وتهدف إلى القضاء على الألغام الأرضية وتطهير مساحات واسعة من الأراضي الملوثة.
وتعتبر المنظمات الدولية استخدام الألغام الأرضية بصورة عشوائية جريمة حرب.
وفي حين لم يرد عن الحوثيين أي تعليقات بشأن الألغام الأرضية، نفت وزارة الخارجية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء استخدام الألغام الأرضية أو تخزينها، مؤكدة "تيقظها للامتثال لما تنص عليه" المعاهدة المذكورة.
ولكن مع ذلك، لا مجال لفرتوت وولديها بالعودة إلى ديارهم، حسبما ذكر والدها جمال فرتوت.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "زرعوا الألغام في كل مكان وفجروا الطرق".
وتابع "لا يوجد أي طريق لمنزلنا إلا وزرع بالألغام".
وفي هذا السياق، كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أعلنت في حزيران/يونيو الماضي أن الألغام الأرضية في اليمن تعيق وصول المساعدات وتحاصر المواطنين.
وأضافت المنظمة "زرعت قوات الحوثي مرارا وتكرارا الألغام المضادة للأفراد والمركبات والألغام المستحدثة يدويا أثناء انسحابها من مناطق عدن وتعز ومأرب، ومؤخرا على طول الساحل الغربي لليمن".
ʼأين سنذهب؟ʻ
وحذرت المنظمة من أن الألغام "ستشكل تهديدا للمدنيين بعد فترة طويلة من انتهاء النزاع".
وفي تموز/يوليو الماضي، قال معهد واشنطن إنه على الرغم من وجود ألغام أرضية في اليمن منذ عقود بسبب نزاعات مختلفة، إلا أن الحوثيين يستخدمونها حاليا "بمعدل عال يسبب الذهول".
وبحسب المعهد، فإنه "من الصعب للغاية التحقق" من الأعداد الدقيقة للألغام، إلا أن "مسؤولا يمنيا عن إزالة الألغام يدعي أن الحوثيين زرعوا 500 ألف لغم منذ عام 2015"، في حين تحدثت فرق رفع الألغام عن "إزالة 300 ألف لغم أرضي".
وقد رصد مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية أكثر من 2,100 إصابة جراء الألغام في 2016.
وذكرت فرتوت، "قلت للحوثيين ʼإلى أين سنذهب بعد مقتل معيل الأسرة في انفجار لغم؟ʻ".
يُذكر أن مئات الأشخاص يعيشون اليوم في خيم مؤقتة في الوعرة، وهي تحظى بتمويل جزئي من الإمارات.
وفي حين ركض عشرات الأولاد وبعضهم حافي القدمين في مختلف أنحاء المخيم، جلس صبي على كرسي متحرك ورجله مضمدة. هو أيضا من ضحايا الألغام الأرضية.
وذكر معهد واشنطن أن السعودية أطلقت في حزيران/يونيو مشروعا جديدا لرفع الألغام الأرضية في اليمن، إلا أن "هذه الألغام تبقى تحديا كبيرا جدا في مرحلة ما بعد الحرب".
ويتهم التحالف العربي الذي تدخل في الحرب عام 2015 لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي، إيران بتسليح الحوثيين بالمتفجرات والصواريخ.