تشهد العاصمة صنعاء هروبا متواصلا لأعضاء مجلس النواب والقيادات المدنية والعسكرية إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة الشرعية وسط تصاعد الانقسامات في صفوف الحوثيين (أنصار الله) الذين تدعمهم إيران، حسبما صرح خبراء للمشارق.
وقالت مصادر في صنعاء لصحيفة الشرق الأوسط إن فشل الجناح السياسي للحوثيين في إيقاف تقدم الجيش اليمني والتحالف العربي نحو الحديدة،وتزايد أعداد الإصابات بين المقاتلين الحوثيين،قد تسبب في انقسامات عميقة بداخل الميليشيات.
وكشف العميد عبده مجلي المتحدث الرسمي للجيش اليمني في حديث للصحيفة يوم 31 تموز/يوليو أن تلك الانقسامات هي نتيجة "للهزائم الكبيرة التي تعرضت لها الميلشيا على الأرض".
وقال إن أكثر من 30 قياديا، بينهم برلمانيون وقيادات أمنية وعسكرية، قد فروا إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في شهر تموز/يوليو بسبب اتساع الخلاف بين قيادات الحوثيين.
وأضاف مجلي أن "المراقبين بداخل صنعاء يتوقعون أن يتزايد عدد الفارين من القيادات خلال الفترة المقبلة"، مشيرا إلى أن هؤلاء الفارين ينتمون إلى كافة القطاعات الإدارية والعسكرية.
حيث فر عضو البرلمان هبة الله شريم عن مديرية الدريهمي في جنوب محافظة الحديدة وعدد من نواب محافظة ريمة المحسوبين على حزب المؤتمر الشعبي إلى عدن في 18 تموز/يوليو، بحسب وسائل إعلام محلية.
كما وصل نائب رئيس مجلس النواب والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ناصر باجيل إلى محافظة شبوة يوم 24 أيار/مايو.
وكان بين عشرة نواب فروا من صنعاء. وهم ينحدرون من محافظات إب وذمار وتعز والجوف وريمة والحديدة وشبوة.
تعزيز الأمن وتزايد المخاطر
وكانت جماعة الحوثي قد فرضت إجراءات مشددة على البرلمانيين لمنعهم من الفرار، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط.
حيث ذكرت الصحيفة أن رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين مهدي المشاط استدعى رئيس البرلمان يحيى الراعي ونائبه إلى اجتماع في صنعاء في تموز/يوليو وعبر له عن غضبة من استمرار عمليات هروب النواب إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وقد أصدر المشاط أمرا إلى الراعي بسن تشريع يجرم فرار النواب للالتحاق بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية أو خارج اليمن باعتبارها "خيانة".
وأضافت الصحيفة أن القانون يسمح للميليشيا كذلك بمصادرة كل ممتلكات النواب.
بدوره، قال الناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان للمشارق إن كل شخص تتوفر له فرصة الهروب من ميليشيا الحوثي يفعل ذلك.
وأضاف أنه "مع مرور كل يوم وكل أسبوع، سنرى فرار عدد أكبر من القيادات وخصوصا أعضاء البرلمان".
وأشار برمان إلى مخاطر تصاحب الفرار من صنعاء، بما في ذلك مخاطر يتعرض لها أقارب الزعماء السياسيين الفارين وإمكانية تعرض ممتلكاتهم للنهب على يد الميليشيا.
وأوضح أن "بعض أعضاء مجلس النواب اضطروا لبيع بيوتهم بسعر رخيص أو بثلث قيمته".
وقال إن اليمنيين يرفضون الحوثيين، "والوحيدون الذين ينتمون لتلك الميليشيا" هم الأشخاص الذين يعتنقون فكر الحوثي أو الأشخاص الذين يجبرون على فعل ذلك أو يتم إغوائهم براتب.
البحث عن الأمان
بدوره، أكد المحلل السياسي وضاح الجليل في حديث للمشارق أن "المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء النواب والقيادات كثيرة، منها الاعتقال والقتل ونهب الممتلكات وإجبارهم على الظهور في وسائل الإعلام وإطلاق تصريحات ومواقف مؤيدة للحوثيين".
وقال الجليل إن حالات الهروب بين السياسيين والزعماء بدأت منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في عام 2014 بمساعدة حزب الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
وأشار إلى أن "من اختلف سياسيا مع صالح والحوثيين كان يفضل عدم البقاء في صنعاء".
وأضاف أنه بعد مقتل صالح في شهر كانون الأول/ديسمبر 2017 على يد الحوثيين،فر الموالون له إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية خوفا من انتقام الحوثيين.
من ناحيته، قال عادل الشجاع القيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام للمشارق إن من يهرب من الحوثيين يبحث "عن نموذج للدولة التي توفر له الأمن".
وأضاف الشجاع أن "معاناة هؤلاء تتولد من افتقاد الأمن النفسي والمعيشي" في ظل حكم جماعة الحوثي.