عمدت مليشيا الحوثيين (أنصار الله) خلال الأشهر الماضية إلى إحكام سيطرتها في المناطق التي تسيطر عليها في اليمن من خلال تطهير المؤسسات الأهلية من الموظفين التابعين لحزب المؤتمر الشعبي العام، وفق ما أفاد خبراء يمنيون.
وبعد قتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي كان أعلن انفصال حزب المؤتمر الشعبي العام التابع له عن الحوثيين، عمدت المليشيا الدعومة من إيران إلى اعتقال وقتل أعضاء منتمين للحزب.
وكانت جماعة الحوثي أصدرت حزمة قرارات تشمل وزراء وقيادات مؤسسات سيادية على حساب اشخاص كانوا محسوبين على حزب المؤتمر بعد مقتل رئيس الحزب الرئيس اليمني الأسبق علي صالح في 4 كانون الأول/ديسمبر.
وقد صدرت هذه القرارات عبر ما يسمى المجلس السياسي التابع للحوثيين وشملت تعيين وزيرين في وزارة الداخلية والاتصالات بدلا من وزيرين مواليين لصالح.
وعينت المليشيا أيضا موالين لها على رأس جهازي الامن القومي والامن السياسي وهما فرعا الاستخبارات اليمنية، بالإضافة إلى تعيين رئيس للجهاز لمركزي الرقابة والمحاسبة والأجهزة القضائية من العناصر التابعة للجماعة.
وعيّنت الجماعة حسين العزي، نائبا لوزير الخارجية. وكان العزي يشغل الدائرة السياسية في المكتب السياسي للجماعة.
وعين الحوثيون هاشم محمد هاشم الشامي رئيسا لمصلحة الضرائب، وسليم محمد محمد الحضرمي رئيسا لمصلحة الجمارك، وخالد محمد عبدالله شرف الدين نائبا لرئيس الهيئة العامة للاستثمار.
كما عينوا حسين عبدالله النميري نائبا لرئيس الهيئة العامة للمساحة والجيولوجيا، والقاضي أحمد عبدالله العزاني رئيسا للهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني.
وفي الجانب التعليمي، عين الحوثيون أحمد محمد هادي دغار رئيسا لجامعة صنعاء، عبدالله محمد محمد الشامي رئيسا لجامعة الحديدة.
وهما أبرز جامعتين يمنيتين خاضعتين لسيطرة الجماعة.
تدمير مؤسسات الدولة
وقال عادل الشجاع عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي أن مشروع الحوثيين "يقوم على تدمير الدولة ومؤسساتها".
وأضاف الشجاع في حديثه للمشارق أن الحوثيين، وبعد قتل صالح، أصبحوا أصحاب القرار الوحيد وأصحاب اليد الطولى في مناطق سيطرتهم.
ووجهوا اهتمامهم بعد ذلك إلى الأمور الادارية، بهدف "ألا تبقى مؤسسات الدولة وتصبح الوظيفة العامة تابعة لهم كمليشيا وليس تابعة للدولة".
عبد الرحمن برمان المحامي والناشط الحقوقي قال للمشارق إن تعيين عناصر تابعة لجماعة الحوثي من الموالين للجماعة يعد بمثابة تمليك لهذه العناصر حيث لهم "مطلق التصرف [بمؤسساتها] وبممتلكاتها".
ورأى برمان أن هذا النهج وتجيير الوظيفة العامة للعناصر الحوثية هو منهج للجماعة، حيث يعد أحد أهدافهم السيطرة على الوظيفة العامة.
وأضاف برمان أنه "بعد الانقلاب قامت الجماعة [الحوثية] بمطاردة الكوادر الوطنية والزج بكثير من المسؤولين الحكوميين في السجون ومصادرة ممتلكاتهم وارعابهم وتشريدهم".
ولفت إلى أن الجماعة عملت على إحلال أفرادها مكانهم.
وأكد أن هذه التعيينات تؤثر على أداء المؤسسات الحكومية وتشكل أحد أسباب فشلها، حيث لم تعد هذه المؤسسات تقدم خدماتها للناس.
’مهزلة على الوظيفة العامة‘
من جانبه، قال الخبير التنموي محمد الحوشبي للمشارق "الحوثيون يمارسون مهزلة على الوظيفة العامة".
وتابع بالقول إن المتقدمين الذين تم قبولهم في المعهد العالي للقضاء في العام 2018 جميعهم موالون للحركة الحوثية، وأن الموظفين الموالين للجماعة في مؤسسات أخرى للدولة كالمستشفيات، حصلوا على معاملة تفضيلية.
وأضاف الحوشبي أن الحوثيين "قطعوا رواتب كافة الموظفين [في المؤسسات الحكومية] لأكثر من عام ونصف، في الوقت الذي تم توظيف فيه عشرات الآلاف من عناصرهم كمتطوعين".
وأشار إلى أن هؤلاء المتطوعين حصلوا على حافز شهري رمزي "بحجة تغطية الفراغ الناجم عن انقطاع شريحة كبيرة من الموظفين عن الدوام".
وتابع "واليوم يريدون ازاحة الموظفين الأصليين وتثبيت عناصرهم رسميا وبحكم محكمة".
ولفت الحوشبي إلى سعي الحوثيين إلى إحالة عشرات الآلاف من المواطنين الحكوميين إلى التقاعد بالرغم أنهم لم يبلغوا أحد الأجلين، وهما اكمال 35 سنة من الخدمة الوظيفية او بلوغ سن الـ65 سنة.