أكد فريق لتتبع الأسلحة أن قوات التحالف العربي عثرت على عدد كبير من القنابل المموهة على أشكال صخور تم زرعها في مواقع مختلفة من اليمن، رابطاً هذه الأجهزة بإيران.
وفي تقرير صدر في شهر آذار/مارس، ذكر "مركز أبحاث التسلح في الصراعات" الذي يتعقب الأسلحة والذخائر التقليدية في النزاعات المسلحة المعاصرة ويحدد نوعها ومصدرها، أن هذه القنابل تشبه أجهزة سبق وعُثر عليها في العراق ولبنان.
وجاء في التقرير أن الفحوص أظهرت أن الأجهزة التي كان عُثر عليها في العراق ولبنان تحمل بصمة إيرانية في صنعها، مشيرا إلى أن تصميمها وهيكلها يشبهان تلك التي عُثر عليها مؤخرا في اليمن.
وتصنف هذه القنابل على أنها أجهزة ناسفة يتم التحكم بها باستخدام موجات الراديو، وتتم إثارتها بإشعاع من الاشعة تحت الحمراء.
ولتمويهها تكون عادة مخبأة في صخور اصطناعية.
وقال التقرير: "الهيكل متشابه وكيفية الاستخدام اليدوي والمكونات التسلسلية، كلها تشير إلى أن المجموعات الإلكترونيات المستخدمة في القنابل الناسفة التي عُثر عليها في اليمن، صنعت في معمل واحد وبكميات كبيرة".
وأضاف التقرير أن "إيران تستخدم مكونات مماثلة في عدد من أنظمة الأسلحة البدائية التي زودت بها سراً مجموعات في اليمن والبحرين".
تدفق التكنولوجيا الجديدة
وطوال فترة الصراع الدائر في اليمن، استخدم الحوثيون (أنصار الله) المدعومون من إيران في حربهم ضد قوات التحالف العربي أجهزة متفجرة بدائية الصنع وبكميات كبيرة.
ووفقاً للتقرير، "على الرغم من أن معظمها بدائي التصميم، فإن عدد العبوات الناسفة الأكثر تطوراً في اليمن قد ازداد، مما يشير إلى أن تكنولوجيا جديدة بدأت مؤخراً تدخل إلى البلاد".
وبين نيسان/أبريل 2017 وشباط/فبراير 2018، أجرى فريق التحقيق الميداني التابع لمركز أبحاث التسلح في الصراعات ست مهمات في اليمن لتوثيق الأسلحة والعبوات الناسفة التي تمت مصادرتها من الحوثيين.
وأضاف المركز أن فرق العمل التابعة له وثقت وجود العشرات من العبوات المتفجرة الاصطناعية المخبأة في صخور اصطناعية، عثرت عليها قوات التحالف العربي على طول الطريق السريع الذي يربط بين المخا وذباب والمخا وتعز والمخا والخوخة.
وخلص التقرير إلى توفر معلومات تشير إلى أن إيران وراء نقل التكنولوجيا والمواد إلى الحوثيين في اليمن لمساعدتهم على تصنيع القنابل الناسفة التي يتم التحكم بها عبر الراديو.
وعن هذا الموضوع، قال الباحث اليمني ياسين التميمي للمشارق إن "الألغام المموهة المصنوعة بخبرات غير تقليدية هي واحدة من التقنيات المدمرة التي ضختها إيران إلى المشهد اليمني الملتهب".
ووصف نتائج التقرير بأنها "واحدة من العديد من الأدلة الموثقة" على أن الحوثيين يشكلون أحد الوسائل التي تستخدمها إيران لتصدير ثورتها الإسلامية إلى بلدان المنطقة.
ووجد التقرير أدلة تشير إلى أن الدعم الإيراني للحوثيين بدأ في وقت مبكر من عام 2013، كاشفاً عن أن المواد الموثقة من قبل مركز أبحاث التسلح في الصراعات متطابقة مع المكونات التي سبق ضبطها على متن السفينة جيهان 1.
واعترضت القوات اليمنية السفينة جيهان 1 في خليج عدن في كانون الثاني/يناير 2013، وهي سفينة شحن كانت محملة أسلحة قادمة من إيران، كما اعترضت القوات الدولية شحنات أسلحة مرسلة من إيران إلى اليمن في أربع مناسبات منفصلة على الأقل.
خطر على المدنيين
وقال التميمي إن الحوثيين استخدموا أسلحة حصلوا عليها من إيران لقتل آلاف المدنيين والعسكريين في اليمن.
من جانبه، قال المحلل السياسي وضاح الجليل للمشارق: "ثمة أدلة كثيرة على أن إيران تمد الحوثيين بأسلحة نوعية تزيد من قدراتهم على تقويض الأمن الإقليمي".
وأضاف أنه "من المؤكد أن هذه القنابل وصلت إلى الحوثيين من إيران، فهي الطرف الوحيد الذي يمد الحوثيين بالأسلحة ويقدم لهم الدعم".
وأكد أن "هذه القنابل خطيرة جداً على المدنيين لأنها مموهة ولا يمكن تمييزها عن البيئة المحيطة".
وشدد على أهمية أن توثق المنظمات اليمنية والدولية "حوادث انفجار الألغام، وتحصي ضحاياها وتقدم الدعم والمساندة لهم ولذويهم".
وأردف الجليل أنه يجب تقديم الإمكانيات الممكنة واللازمة كافة لنزع هذه القنابل وتجنيب المدنيين أخطارها.
خبراء إيرانيون في اليمن
عبد السلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث الاستراتيجية، قال للمشارق إن "استخدام مثل هذه الأسلحة يطيل أمد الحرب ويزيد عدد ضحاياها".
وأوضح أن العديد من الضحايا الذين قُتلوا أو عانوا من إعاقات بعد تعرضهم لهذه الأجهزة المخفية، هم من المدنيين وبينهم أطفال.
وأضاف محمد أنه بات معروفاً أن إيران تقدم الدعم اللوجستي والعسكري للحوثيين كجزء من مشروعها الطائفي في المنطقة.
وأشار إلى أن "إيران تعمل منذ وقت على تهريب قطع السلاح ومكونات الصواريخ وأيضا المتفجرات عبر طرق التهريب المعروفة".
وكشف عن وجود خبراء إيرانيين يعملون في اليمن على تطوير الأسلحة التقليدية وتركيب القطع المهربة من مكونات الصواريخ.
وختم مؤكداً أن ايران أرسلت خبراء من حزب الله وخبراء إيرانيين لتطوير الصواريخ الباليستية القديمة، وتركيب الصواريخ الجديدة التي تصل عبر التهريب.