ندد ناشطون في مجال حقوق الإنسان في اليمن بإجراءات الحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران، بمنع المنظمات الإنسانية من العمل في مناطق سيطرة الميليشيا.
كما استنكروا عبث الحوثيين بالمساعدات ونهبها، قائلين إن هذه الأفعال تزيد من معاناة الشعب في وقت يعيش فيه 85 في المائة من المواطنين تحت خط الفقر.
وفي 21 كانون الثاني/يناير، أصدرت وزارة الصحة العامة والسكان التابعة للحوثيين تعميما قضى بمنع 36 من المنظمات الإغاثية الدولية والعربية والمحلية من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا وأوقفتها عن تقديم الخدمات للمواطنين.
وأصدرت ميليشيا الحوثيين التعميم لعموم مكاتب الصحة في المديريات والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، مطالبة إياها بمنع تحركات المنظمات الدولية الإغاثية المذكورة في التعميم.
ودعا التعميم الموقع من عبدالعزيز الديلمي وكيل وزارة الصحة التابعة للحوثيين، كل مكاتب الصحة إلى منع تلك المنظمات من العمل طالما لم تحصل على ترخيص من الوزارة الخاضعة للحوثيين.
وقال ناشطون إن هذا الإجراء هو مجرد غطاء يسمح للحوثيين بنهب المساعدات الإغاثية لتمويل جهودهم الحربية.
وضع صحي متردي
وفي هذا السياق، قالت داليا حزام وهي صاحبة صيدلية في حديث للمشارق "أن يصل الأمر إلى منع دخول المساعدات الطبية للمحتاجين لها وتحديدا في الوضع الصحي المتردي الذي يعيشه البلد، فهذا يعني أننا نعيش في زمن الانهيار الأخلاقي".
وأضافت حزام أن "الأثر سوف يكون سلبيا على المواطن بكل تأكيد وتحديدا في ظل تدهور القطاع الصحي"، ذاكرة تقارير صدرت مؤخرا عن منظمة الصحة العالمية وتشير إلى أن الوضع الصحي في اليمن قريب إلى الانهيار.
من جانبه، قال المحامي والحقوقي عبد الرحمن برمان إنه بمنع المنظمات الإنسانية من القيام بعملها، "فهذه الجماعة المدعومة من إيران تؤكد لنا أنها لا تؤمن بأي عمل إنساني أو مدني".
وأوضح للمشارق أن الحوثيين "جماعة مسلحة تحارب الجهود الإنسانية لإنقاذ اليمنين الذين يواجهون المجاعة والفقر والمرض".
وأضاف أن ما يدفعهم هي رغبتهم بالسيطرة على الحكم بقوة السلاح في المناطق الخاضعة لهم.
وطالب برمان المجتمع الدولي "بردة فعل وموقف واضح إزاء هذه الممارسات والانتهاكات بحق العمل الإنساني".
المساعدات ملحة لليمنيين
وبدوره، قال موسى النمراني المسؤول الإعلامي في المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "من سخرية الأحداث أن هذه الميليشيا التي تسوق البلاد إلى العصور الحجرية تدّعي أن لديها مواصفات خاصة يجب على المنظمات [الإنسانية] توفيرها".
وأكد النمراني أن المنظمات الإغاثية تساعد اليمنيين على تجاوز الكارثة الصحية التي يعانون منها بسبب انتشار الأوبئة وغياب النظام الصحي في اليمن.
وأشار في حديث للمشارق إلى أن هذه المنظمات توفر نحو 80 في المائة من الخدمات الطبية التي يحتاج إليها اليمنيون.
وأضاف "شاهدنا خلال الأعوام الماضية العديد من عمليات النهب التي تعرضت لها مخازن المنظمات الدولية، في مناطق سيطرة الميليشيا".
وقال إنه وفق إجراء مشابه، تم منع وصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة في تعز، كما قام الحوثيون باختطاف عمال إغاثة من تلك المنظمات الدولية وإرهابهم.
نهب الأموال
ونقلت وسائل إعلام محلية أنه في أواخر كانون الثاني/يناير، تصاعدت حدة الخلافات بين قيادات ميليشيا الحوثي على خلفية اتهامات باختلاس 14 مليون دولار قدمتها الأمم المتحدة كمساعدات لعمليات إزالة الألغام في اليمن.
وأفادت تقارير إعلامية بأن الحوثيين وجهوا اتهامات بالفساد لأحد قادتهم، يحيى حسن الحوثي مدير مركز نزع الألغام، وأمروا باعتقاله في مكتبه بصنعاء.
وأضافت هذه التقارير أن الاتهامات "ذريعة يستخدمها بعض قادة الميليشيات في سبيل نهب هذه الأموال".
وقال الباحث وضاح الجليل في حديث للمشارق إنه "منذ بدء وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن والكل يعلم أن الحوثيين ينهبون كل ما يصل إلى أيديهم".
وأضاف أنهم يحولون المساعدات إلى أنصارهم أو يبيعونها في الأسواق السوداء لتمويل المجهود الحربي.
وقال محمد الحيمي ويعمل كمحاسب في شركة خاصة بصنعاء إن "انتشار المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية في الأسواق السوداء وبكميات كبيرة يدل على أن نهب هذه المساعدات كان كبيرا من قبل الحوثيين".
وأبدى الحيمي استغرابه من "جرأة" بيع هذه المساعدات بكميات تجارية وهي تحمل شعارات المنظمات الإغاثية.
ولفت في حديث للمشارق إلى أن كل ذلك يحصل "بينما يعاني المواطنون من الجوع والفقر والعوز وظروف الحرب المختلفة".
نهب ألفي سلة غذائية
من جانبه، استنكر وزير الإدارة المحلية ورئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب سيف فتح استمرار قيام ميليشيا الحوثي بنهب واحتجاز المساعدات الإغاثية والإنسانية.
واعتبر في 9 شباط/فبراير هذه الممارسات مخالفة لكل القوانين الدولية والانسانية.
ونقلت وسائل إعلام محلية أنه تم خلال الشهر الجاري العثور على نحو ألفي سلة من المواد الغذائية في مزرعة يملكها عبدالله حمود طالب الأهدل المؤيد للحوثيين بمديرية حيس في الحديدة.
وقال فتح إن ذلك يشكل "دليلا دامغا على استمرار الميليشيات في تجويع الشعب اليمني".
وطالب منسقية الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن بإجراء تحقيق عاجل وشامل حول هذه الكميات المنهوبة.
وأكد أن "الصمت حيال ذلك أمر غير مقبول، خصوصا وأن المساعدات تحمل شعار المنظمات الأممية".
ودعا المنظمات العاملة في المجال الإغاثي والإنساني إلى حصر كافة المساعدات والتأكد من سلامة وصولها كاملة إلى المستحقين.
وقال فتح إن "بقاء الموانئ بيد ميليشيا [الحوثي] يشكل خطرا حقيقيا وستستغله الميليشيا لأغراض غير إنسانية".