أكد خبراء لموقع المشارق أن دعم إيران لانقلاب الحوثيين (أنصار الله) على الحكومة الشرعية في اليمن أدى إلى تضرر الاقتصاد وإلى تدهور العملة اليمنية التي وصلت إلى أدنى قيمة لها تاريخيا.
وأوضحوا أن الكشف مؤخرا عن شبكة متورطة بمخطط لمساعدة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بتزوير العملة اليمنية أدى إلى إلحاق الأذى الكبير بالتصنيف المالي لليمن.
وفقد الريال اليمني أكثر من نصف قيمته في سوق الصرافة أمام العملات الأجنبية مقارنة بقيمته قبل انقلاب 21 أيلول/سبتمبر في عام 2014.
وقد سيطر الحوثيون على البنك المركزي وبددوا احتياطه البالغ أكثر من 4 مليار دولار من العمليات الأجنبية، مما أدى إلى تدهور اقتصادي على مستوى الدولة، بحسب ما أكدوا.
وقال وزير الصناعة والتجارة محمد الميتمي الشهر الماضي، إن الناتج المحلي الإجمالي لليمن انكمش بمقدار الثلث بسبب الحرب التي أدت إلى تدمير واسع وكبير للقطاع الصناعي في اليمن.
ومنذ الانقلاب الذي نفذه الحوثيون، "أكثر من نصف المنشآت الصناعية تم تدميرها أو توقفت عن العمل وأن أكثر من 65 بالمائة من العاملين في منشآت القطاع الخاص تم تسريحهم من أعمالهم".
ويبلغ حاليا معدل البطالة إلى نحو 70 بالمائة من قوة العمل وخاصة بين الشباب والنساء الذين كانوا من أكثر الفئات التي تأثرت بتدهور سوق العمل.
استنفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي
مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي قال للمشارق إن الوضع السياسي المضطرب في اليمن أدى إلى تدهور قيمة الريال اليمني واستنفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي وتوقف صادرات النفط والمضاربة بالعملة.
وأضاف نصر أن "الأسباب المباشرة لتدهور قيمة الريال اليمني مقابل الدولار وبقية العملات الصعبة استنفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي".
وشرح بأن ذلك أدى إلى توقف صادرات النفط والمضاربة بالعملة وتهريب العملة وغسيل الأموال.
من جانبه، قال محمد حسن حلبوب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي للمشارق إن "ممارسات الحوثيين الخاطئة للنقد الأجنبي لتمويل المجهود الحربي سبب مباشر لتدهور قيمة الريال اليمني".
وأضاف حلبوب أن "حكومة الحوثيين في صنعاء قامت بإصدار شيكات بدون رصيد لشراء الدولار من السوق والمضاربة به لتمويل أنشطتها"، مما أدى إلى تضخم الدين العام إلى أكثر من 5 ترليون ريال (20 مليار دولار).
الخبير الاقتصادي عبد الجليل حسان أشار بدوره إلى أن "انتشار محلات وشركات الصرافة في صنعاء دون تراخيص" ساهم في تدهور سعر الريال اليمني.
وأضاف حسان أن ظاهرة انتشار محلات الصرافة التي تساهم في زيادة المضاربات في السوق السوداء في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الحوثيين يعد أحد أبرز أسباب انهيار العملة الوطنية.
عقوبات على شبكة تزوير الريال
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت في 20 تشرين الثاني/نوفمبر عقوبات على شبكة من الأفراد والمؤسسات المتورطة بمخطط واسع لمساعدة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بتزوير العملة لدعم أنشطة تقويض استقرار البلاد.
وبحسب الخزانة الأميركية، فإن "الشبكة استخدمت إجراءات خادعة للتحايل على القيود الأوروبية المفروضة على الصادرات وشراء المعدات والمواد المتطورة من أجل طباعة الأوراق النقدية اليمنية المزيفة بقيمة مئات ملايين الدولارات" لفيلق القدس.
وأكدت الوزارة أن "المخطط يكشف وسائل الخداع العميقة التي تعتمدها قوات الحرس الثوري الإيراني - فيلق القدس ضد الشركات الأوروبية والحكومات في دول الخليج والعالم لدعم أنشطتها المزعزعة للاستقرار".
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين إن "التزوير يضرب قلب النظام المالي الدولي وأن تورط عناصر من الحكومة الايرانية في هذا السلوك أمر غير مقبول على الاطلاق".
واعتبر أن "المخطط للتزوير يظهر المخاطر الكبيرة التي قد يتعرض لها أي شخص يزاول أعمالا مع ايران حيث يواصل الحرس الثوري الإيراني التعمية على مشاركته في اقتصاد إيران والاختباء خلف واجهة الشركات المشروعة لارتكاب أهدافه الشائنة”.
احتواء مخططات إيران التوسعية
بدوره، أيّد عبدالله الجنيد الكاتب والباحث السياسي البحريني إقرار العقوبات معربا عن أمله في انتهاج حكومة واشنطن للمزيد من القرارات "التي تصب في صالح تجفيف منابع الارهاب والقضاء على تطرف إيران ووضع حد لمشروعها التوسعي".
واضاف الجنيد في حديثه للمشارق أن "دخول التنظيمات التابعة للحرس الثوري في عمليات تزوير الريال اليمني أو عملات أخرى يدل على مدى تغلغل ايران بالأزمة اليمنية".
كما لفت إلى أن ذلك يدل لى احتمال تورط الحرس الثوري والمنظمات التابعة له بنشاطات جرمية مماثلة لتمويل عملياته في سوريا والعراق وحتى لبنان.
واعتبر المدير العام لمؤسسة "وطني الإمارات" والمحلل السياسي الإماراتي ضرار البوفلاسة العقوبات الأميركية خطوة جيدة لكبح جماح التوغل الإيراني في الشؤون الداخلية لليمن وغيرها من دول في المنطقة.
وأكد البوفلاسة في حديثه للمشارق بالقول: "إن الممارسات الإيرانية معروفة منذ فترة طويلة، ولا بد من تحرك دولي جماعي للتصدي لها بجدية وحزم".
*محمد الجيوسي ساهم في هذا التقرير