فيما يسعى لبنان للتوصل إلى سياسة رسمية موحدة حول اللاجئين السوريين تستجيب للوضع الراهن وعودتهم لاحقاً، يسعى أيضاً لتهديئة التوتر بين المجتمعات المضيفة واللاجئين.
غير أن تقارير عن جرائم وأعمال عنف متفرقة ارتكبها لاجئون شوهت صورة اللاجئين ككل وولدت شعوراً بالاستياء بين اللبنانيين تجاههم.
لكن عدداً من المسؤولين اللبنانيين أكدوا لموقع المشارق أن الأغلبية الكبرى من اللاجئين هم أفراد يلتزمون بالقانون.
ولوضع حد للشائعات والاتهامات المضادة، كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق في 17 تشرين الأول/أكتوبر، "أن نسبة جرائم اللاجئين السوريين هي أقل من نسبة جرائم اللبنانيين".
وجاء كلام الوزير المشنوق خلال حفل إطلاق "دليل التصنيف الموحّد للجرائم وعقوباتها في التشريع اللبناني"، حيث أوضح أن الأرقام الدقيقة في هذا الدليل ستستخدم في تحليل الظواهر الإجرامية واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها.
وشدد على أن "لبنان من الدول الأكثر أماناً بسبب جهود القوى الأمنية والتنسيق بينها".
الاعلام يلعب دورا
وجاء موقف وزير الداخلية ليكمّل الدعوة التي أطلقها وزير الاعلام ملحم الرياشي في11 تشرين الأول/أكتوبر لتعزيز التغطية الاعلامية الايجابية بهدف خفض مستوى العدائية تجاه اللاجئين السوريين.
وقال "لا نعني بالاعلام الايجابي اخفاء الحقائق ولا مخالفة الموضوعية، ولكن عدم التسويق وكأنه اذا كان هناك شخص قاتل يصبح الشعب برمته".
وأوضح رياشي أن ثمة أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري على ارض لبنان، "من المؤكد أنهم يريدون العودة إلى بلدهم".
وتابع، "لكن هذا لا يعني، أن نتقاتل وإياهم بعد سبع سنوات من إقامتهم في لبنان حتى يعودوا إلى بلدهم عودة سليمة، آمنة".
واعتبر رياشي أن وجود السوريين يحتاج إلى إنفاذ القانون، "ولكنه ايضاً يحتاج إلى الكثير الكثير من شجاعة الحب".
من جانبه، ردّ وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي أيضاً على مسألة الجرائمة التي يرتكبها السوريون اللاجئون في لبنان.
وقال في حديث للمشارق "نحن ندين الممارسات ومن يرتكب الجرائم، إنما لا نحمّل كل الشعب السوري الموجود في لبنان وزر هذه الجرائم".
وأضاف "قياسا لعدد اللاجئين المقيمين في لبنان، فإن نسبة الجرائم أو الجنح المرتكبة من قبلهم هي أقل قياسا إلى غيرهم".
رفض تعميم المسؤولية
ودعت المسؤولة الإعلامية بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليزا أبو خالد إلى عدم تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية الانتهاكات الأمنية والجرائم التي قد يرتكبها أفراد لاجئون.
وقالت للمشارق إنه إذا كانت هناك انتهاكات "فنحن مع معاقبة المجرم".
ولكنها أكدت، "يجب عدم تعميم الوضع الامني على كل اللاجئين. وفي النهاية هؤلاء هم مدنيون وموجودون لفترة قصيرة إلى حين عودتهم".
وتابعت ابو خالد بالقول "لم تزد نسبة الجرائم التي يقوم بها سوريون، ووفقاً لبيانات وزارة الداخلية هناك 1600 سجين سوري موجودون في السجون اللبنانية ويشكلون نسبة 25.3 في المائة من مجموع عدد السجناء في لبنان".
وأضافت أنه "وفقا للمديرية العامة للسجون، فإن الرقم مماثل".
أما الباحثة الاجتماعية رولا بيضون فإنتقدت في حديثها للمشارق الشعور المناهض لتواجد السوريين في لبنان وما يرافقه من حملات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشارت إلى البيان الذي تمّ توقيعه من قبل مثقفين وأكاديميين وفنانين واعلاميين في تموز/يوليو، لجهة رفض أي ممارسات بحق المدنيين السوريين، معتبرة "أنها لا تسيء إلى السوريّين الأبرياء فحسب، بل تسيء ايضاً إلى صورة لبنان".
دحض الشائعات
وبالانتقال من الشق الأمني إلى الشق الحياتي، استهجن الوزير المرعبي ما يتردّد عن عدم رغبة اللاجئين بالعودة إلى ديارهم لأنهم مرتاحون لوضعهم اجتماعيا ويتلقون مساعدات فيما اللبناني يعاني من البطالة.
وأوضح المرعبي "نحاول مع الأمم المتحدة والجمعيات التي تعنى بالموضوع لتأمين موارد تساعد السوريين والمجتمع اللبناني المضيف".
وأضاف "ولو توصلنا مع بعض الى تفاهم على سياسة حكومية موحدة، لكنا قمنا بشيء يفيد كثيرا اللبنانيين والسوريين".
وبحسب أبو خالد فإن "أكثر من 70 في المائة من اللاجئين يعيشون تحت خط الفقر"، وأشارت إلى "انخفاض نسبة التمويل المتوفرة عبر الهيئات والدول لهذه السنة، إذا قيست بالنفقات والحاجات المتزايدة للاجئين".
وأوضحت ابو خالد أنه "بحسب منظمة العمل الدولية هناك أكثر من 380 ألف سوري يشكلون القوة العاملة في لبنان، إنما أكثر من 36 في المائة منهم يُعتقد أنهم عاطلون عن العمل"، لافتة إلى أن اللاجئين مسموح لهم بالعمل فقط في قطاعات محددة.
ورأت أن "عودة اللاجئين إلى سوريا هي الحل الانسب للجميع لكن الظروف لم تنضج بعد لعودتهم الآمنة".
العودة إلى سوريا
وقالت أبو خالد "هناك تقدم في مناطق تخفيف التصعيد، لكن المخاطر لا تزال قائمة".
وأكدت "نحن نعمل مع المجتمع الدولي، ولا سيما في محادثات السلام في جنيف، لضمان استمرار التقدم من خلال عملية السياسية بما يعزز ثقة الناس والسوريين بالعودة".
وأضافت "وبالنسبة إلى المفوضية، فإن أولى خطوات العودة هي الأهم لأنها إذا تمت بطريقة آمنة ستشجّع لاجئين آخرين على العودة إلى بلادهم".
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون سلّم في 16 تشرين الأول/أكتوبر سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي رسائل خطية موجهة إلى رؤساء بلدانهم والامين العام للامم المتحدة ورئيس الاتحاد الأوروبي والأمين لجامعة الدول العربية.
واعتبر عون أنه "أصبح لزاماً على المجتمع الدولي والامم المتحدة بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين إلى بلدهم لاسيما المناطق المستقرة التي يمكن الوصول إليها أو تلك المنخفضة التوتر من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل إلى الحل السياسي".
وطلب "من المنظمات الدولية التي تساعد النازحين عدم تخويف الراغبين منهم بالعودة إلى بلادهم طالما أن هذه العودة تتم بناء لرغبتهم".
ومن المعلوم أن عدد اللاجئين في لبنان المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هو بحدود المليون لاجىء سوري ولكن الحكومة اللبنانية تقدر العدد بمليون ونصف.
كان الله معكم #،لاجئ#سوري#
الرد1 تعليق