أقرّ مجلس النواب اللبناني قانوناً تضمّن سلّة ضرائب ورسوم جديدة بهدف تمويل الزيادة على رواتب موظفي القطاع العام التي صادق عليها سابقاً.
ومقابل ادعاء النواب أن الضرائب الجديدة التي أقرّت في 9 تشرين الأول/أكتوبر، ضرورية لتمويل زيادة الرواتب، أكّد اقتصاديون للمشارق أن الغاية الحقيقيّة منها هي تأمين إيرادات للدولة.
ويعدّ لبنان حالياً من أكثر الدول في العالم التي ترتفع فيها نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، إذ وصلت العام الماضي إلى أكثر من 148 في المائة. وفي وقت تكافح الحكومة لخفض عجزها المالي، تعاني من الدين العام البالغ 77.3 مليار دولار.
وقال صندوق النقد الدولي في تقرير صدر في 13 أيلول/سبتمبر، إن زيادة رواتب موظفي القطاع العام ستؤدي إلى زيادة كبيرة في النفقات المالية، محذراً من "تعليق سلّة الإجراءات التي أقرّها البرلمان لتأمين إيرادات تهدف إلى تعويض الخسارة المالية الناتجة عن زيادة جدول الرواتب".
أبرز الضرائب الجديدة تشمل رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المائة إلى 11 في المائة ورفع الضريبة على فوائد المصارف من 5 في المائة إلى 7 في المائة، كما رُفعت الضريبة على أرباح الشركات من 15 في المائة إلى 17 في المائة.
وأضيف أكثر من 1.5 دولار على فواتير الهاتف الثابت و0.16 دولار على بطاقات الهاتف الجوّال مسبقة الدفع وضريبة بنسبة 20 في المائة على بعض جوائز اليانصيب اللبنانية والأجنبية.
وفُرضت رسومٌ على القادمين إلى لبنان عبر البر تبلغ 3.30 دولار عن كل شخص، إلى جانب فرض رسم بقيمة 100 دولار على المسافرين في الدرجة الأولى و266.6 دولار على المسافرين في طائرة خاصة.
وفُرضت أيضاً رسومٌ بنسبة 15 في المائة على ضريبة الدخل، و2 في المائة على عقود البيع العقاري من ثمن المبيع.
تمويل رواتب موظفي القطاع العام
وكان وزير المالية علي حسن خليل قد قال في 9 تشرين الأول/أكتوبر، يوم موافقة البرلمان على الضرائب، إن "الضرائب الجديدة فُرضت لتمويل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام التي سبق لمجلس النواب أن وافق عليها".
وأضاف أن هذه الضرائب تهدف إلى خفض العجز في الموازنة وحماية الوضع المالي للبنان، مشيراً إلى أن الإنفاق العام ارتفع من نحو 6.6 مليار دولار عام 2005 إلى 16 مليار دولار هذا العام، دون أي زيادة على القاعدة الضريبية.
من جانبه، أكّد استاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت جاد شعبان، أن "الضرائب الجديدة ليست لتمويل سلسلة الرتب والرواتب".
وقال إن "التقديرات تشير إلى أن أسعار المنتجات والسلع ستشهد ارتفاعاً يتراوح ما بين 10 و15 في المائة بسبب هذه الضرائب"، موضحاً أن ارتفاع تكاليف التشغيل والانتاج على الشركات سيؤدي حكماً إلى ارتفاع أسعار الخدمات التي تقدّمها سعياً منها لامتصاص هذه الزيادات".
في غضون ذلك، حذّر رئيس الوزراء سعد الحريري من أن البديل عن الزيادة الضريبية سيكون انهيار الليرة اللبنانية في خلال ستة أشهر.
وقال في 9 تشرين الأول/أكتوبر: "اذا نفّذنا (قانون الرواتب في القطاع العام) دون إيرادات، سيشكّل ذلك كارئةً للبلاد".
مراقبة عجز الموازنة
رئيس قسم الأبحاث في بنك عودة مروان بركات، رأى أن زيادة رواتب موظفي القطاع العام سيكون لها مفعولٌ ايجابيّ لجهة زيادة الاستهلاك، إلا أن هذا المفعول سيتعطّل بفعل تأثّر الاستثمار سلباً جراء الضرائب الجديدة.
وقال للمشارق إن "زيادة الاستهلاك تعني زيادة في الواردات في بلد كلبنان يصنّف أنه مستوردٌ كبير"، مضيفاً أن من شأن ذلك زيادة العجز في الميزان التجاري.
وأردف بركات أن بنك عودة أجرى مؤخراً دراسة أظهرت أن الضرائب سترفع من حجم التضخم بنسبة 4 في المائة.
وأشار إلى أن "الضرائب التي تشمل القطاع المصرفيّ ستؤثر على نحو 325 مليون دولار من أرباح المصارف السنوية والبالغة ملياري دولار".
من جهتها، اعتبرت رئيسة تحرير موقع الاخبار الاقتصادية العربية، فيوليت غزال البلعة، أن معظم الضرائب التي أُقرّت تطال المواطنين وستؤثّر على قدرتهم الشرائية.
ولفتت للمشارق إلى أن زيادة الرواتب تطال نحو 370 ألف شخصاً من موظفي القطاع العام لكنها لن تُطبّق على العاملين في القطاع الخاص.
وأضافت: "ان الهدف الحقيقي من الضرائب الجديدة هو خفض حجم العجز في الموازنة العامة"، مشيرةً إلى أن خفض العجز يجب أن يكون ملحوظاً في قانون الموازنة العامة الذي لم يقرّ بعد، وليس في قانونٍ منفصل.
وختمت البلعة مشدّدةً على ضرورة "مراقبة مؤشر العجز للتأكّد من أن الضرائب الجديدة قد حقّقت الغاية المنشودة منها".