أكد لاجئون سوريون عالقون في مخيم الركبان الواقع في المنطقة المحايدة بين بلدهم والأردن للمشارق أنهم "يموتون ببطء" في ما يصفه نشطاء "بأكثر المخيمات بؤسا في العالم".
ويستضيف المخيم العشوائي الآن أكثر من 75 ألف شخص معظمهم هرب من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا.
ويتحمل اللاجئون العالقون في المخيم الصحراوي حرارة مرتفعة وغياب الظل، وكذلك صعوبة في الحصول على المياه والغذاء ومستلزمات الحياة الرئيسية.
"نحن نموت ببطء هنا"، قالت اللاجئة السورية أم أسعد للمشارق مستخدمة اسما مستعارا خوفا على سلامتها.
وكانت أم اسعد وهي أم لسبعة أطفال قد هربت من تدمر مع زوجها وتواجه الآن وضعا صعبا للغاية داخل المنطقة العسكرية المغلقة.
وأضافت "ليس لدينا مياه، تصلنا المعونات كل ثلاثة أشهر".
ووصف نشطاء مخيم الركبان بأنه أحد أكثر المخيمات بؤسا في العالم، لكن يصعب التحقق من ذلك بسبب عدم السماح للاعلاميين الدخول إليه.
وتظهر صورا تناقلها نشطاء ولاجئون داخل المخيم أشخاصا ينتظرون لملء حاويات بلاستيكية بالمياه. وتظهر صور أخرى أشخاصا يحملون أطفالهم المرضى ينتظرون الحصول على اذن لزيارة العيادة القريبة من المخيم.
شح كبير في المياه
وقد أشار سكان المخيم إلى أن المخيم لا مصدر دائم للمياه فيه وأن أي كمية تتوفر يتم نقلها بالصهاريج إلا أن المياه لا تزال في شح كبير فيما يعمد بعض الباعة لاستغلال الوضع وبيعها بأسعار مرتفعة.
ويأتي شح مياه الشرب مع ارتفاع حاد بدرجات الحرارة.
وأوضح محمد خضر المحيا، وهو رئيس مجلس عشائر تدمر والبادية السورية أن مكان توزيع المياه الأقرب يبعد ثمانية كيلومترات عن المخيم.
وقال "يسير بعض اللاجئين مشيا على الاقدام كل يوم 16 كيلومترا في الحرّ الشديد للحصول على غالون من مياه الشرب، حيث تستغرق الرحلة 10 ساعات نظرا للمسافة والظروف القائمة".
ولفت إلى أن بعض السكان لجأوا إلى شرب مياه الأمطار التي يصفّونها بقطعة قماش.
ونتيجة لفقدان مياه الشرب، برزت في المخيم عدة حالات وفاة نتيجة الجلطات الدماغية أو الجفاف حيث شملت عددا من الأطفال، كما وبدأت بعض الأوبئة بالانتشار.
ظروف مأساوية إلى تدهور
وقالت ام اسعد "الوضع في المخيم لم يكن سيئا قبل سنة".
لكن الوضع تدهور بسرعة بعد تفجير سيارة نفذته به داعش في حزيران/يونيو 2016 أدى إلى مقتل ستة جنود اردنيين واصابة 14 آخرين، الأمر الذي دفع بالسطات الاردنية إلى اغلاق حدودها.
وقبل اغلاق الحدود، كان اللاجئون يحصلون على المواد الغذائية والمياه من الاردن عبر منظمات الاغاثة الدولية، وفق ما ذكرت ام اسعد. وكان اللاجئون يتسلقون الحافة العالية التي تحدد حدود المخيم ويستلمون المساعدات من جانب الحدود الاردنية.
وبعد الاعتداء الذي شنته داعش، قال وزير الدولة للشؤون الاعلامية والمتحدث باسم الحكومة محمد المومني إن المخيم أصبح مقاطعة لداعش وأن "أمن الأردن والأردنيين أولوية قصوى".
وتم إعلان الركبان كمنطقة مغلقة، "لكن ذلك لا يعني أن المنظمات الدولية لا يمكنها إيجاد وسائل زطرق مختلفة لإيصال المساعدات لهم"، وفق ما قال المومني.
وشدد على أن مشكلة العالقين في المخيم هي مشكلة دولية وليست مشكلة الأردن وحده.
الأردن بحاجة للمساعدة
وأكد المومني "الاردن مستعد كما كان دوما لتحمل مسؤولياته بهذا الشأن، لكن فقط عندما تتحمل باقي دول العالم مسؤولياتها ايضا وتساعد من هم بحاجة".
ويتم ايصال قوافل المساعدات التي تنسقها اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي عبر رافعات إلى النازحين حيث يقوم متعهدون مع الأمم المتحدة قامت الجيش وفعاليات المجتمع بالتحقق من خلفياتهم بتوزيعها.
في هذا الاطار، قالت ناديا العزي، وهي أحد المتعهدين المتعاقدين مع الأمم المتحدة، والتي توصل حزمات المساعدات إلى اللاجئين "لكن مع عدم وجود أي شخص يدير أو يحمي المخيم، تسيطر الجماعات القبلية والمتمردة السورية على توزيع المساعدات الغذائية والطبية".
ولفتت العزي إلى أن أعمال عنف بين القبائل وقعت في مخيم الركبان حول المساعدات، وتحدثت عن قصص وأظهرت لقطات فيديو من المخيم تكشف الصعوبة في محاولة السيطرة على الوضع والوصول إلى الجميع.
وأضافت "قادة المجتمع يتحكمون بكل شيء".
وفي السياق نفسه أشار المحيا إلى أن "قافلة المساعدات الأخيرة التي وصلت للمخيم كانت قبل رمضان"، أي قبل نحو شهرين، "وقد وصلت المساعدات إلى 45 بالمائة فقط من اللاجئين".
وعادت العزي لتختم "نساعد عشرات ومئات اللاجين لكن ثمة الآلاف في المخيم".