على مدى سنوات كان المزارع جميل عامر يرعى ماشيته في خراج بلدة الصويري على الحدود اللبنانية بدون أي خوف على سلامته.
لكن عامر قال للمشارق إنه يعيش اليوم هاجس تعرضه لإطلاق النار من مهربي اللاجئين السوريين الذين يعبرون الحدود عبر معبر غير شرعي يمر في أرضه.
فمزرعة عامر أرض زراعية وترابية وعرة، في خراج بلدة الصويري المتاخمة أعاليها للحدود السورية مقابل معبر جديدة يابوس.
وروى: "بحكم موقع مزرعتي بأرض زراعية، ومعبر جبلي غير شرعي، اشهد ليل نهار على تهريب السوريين على طريق ترابية محاذية لمزرعتي".
ويحصل أن يهرب يوميا بين 50 و200 شخص، من النساء والأطفال والشباب، عبر الممرات الجبلية "وقلة منهم مسلحة".
وأشار إلى أن معابر التهريب ليست آمنة، وأنه صادف أن وجد بينهم من هو مقتول بالجبل، فيما تعرض فتيات للإغتصاب أمام والداتهن بطريق تهريبهن.
وتابع عامر: "تضاعفت عملية تهريبهم في الآونة الأخيرة. حاولت منعهم من المرور بأملاكي، كان أن حضر ليلا اشخاص وأمطروا المزرعة بالرصاص".
ومنذ تلك الحادثة قال عامر إنه يتحاشى المهربين حتى لا يعرض ثلاثة من أولاده وهم بالجيش اللبناني للخطر.
ولفت عامر إلى أن ظاهرة تهريب السوريين عبر معابر غير شرعية وطرقات جبلية وعرة محاذية للحدود السورية البرية مستمرة منذ بدء الحرب في سوريا، بعدما كانت هذه المعابر تستخدم لتهريب المازوت والأغذية بإتجاه البلدين.
معابر جبلية غير مضبوطة
وبرغم مبادرة القوى الأمنية الرسمية على ضبط مجمل هذه المعابر، بقيت بعضها غير مضبوطة لطبيعتها الوعرة والحرجية، كالمعبر الثلاث بالصويري ومعبر بمجدل عنجر.
وبهدف ضبط المعابر غير الشرعية، يقوم بالجيش بتسيير دوريات على طرقات البلدتين العامة لضبط أي تحرك ملتبس.
وأفاد بعض أهالي المنطقة أن معظم حركة التهريب يقوم بها مهربون سوريون يساعدهم عدد من الشباب عند بلدات حدودية لبنانية لتيسير العملية.
من بين هؤلاء شاب في أواخر العشرينات من عمره، تحدث للمشارق حول عمله كميسر فضل إعطاء إسم محمد حفاظا على هويته.
وأضاف: "منذ عامين لا أعمل، ولا أجد فرصة عمل تؤمن لي دخلا ثابتا أنظم به حياتي". وأضاف "حين عرض علي تسهيل عملية تهريب السوريين المرفوضة أوراقهم للدخول للبنان، قبلت".
وقال إنه ليس وحده.
وأضاف "أتقاضى بين 200 وألف دولار. يتغير المبلغ وفق العدد والأشخاص. كل ما أقوم به هو التأكد من أن الطريق التي سيسلكها المهربون آمنة، فملاقاتهم عند نقطة معينة بالجانب اللبناني، وإيصالهم للطريق العام حيث يكون بانتظارها سائق تاكسي، غالبا ما يكون سوريا".
وأوضح أن السوريين بعد رفض دخولهم عن طريق نقطة الأمن العام اللبناني بالمصنع، يعودون أدراجهم إلى ما يقارب الـ 200 متر، ويسلكون طرقات جبلية وعرة، وعبرها يدخلون لبنان من الصويري، وبأوقات من مجدل عنجر.
وأشار إلى أن اللاجئين الذين يدخلون لبنان عبر تلك المعابر "هم من كل سوريا، لكن راهنا الأغلبية من دير الزور والرقة برغم بعد المسافة".
وأكد محمد أنه يدرك أن ما يقوم به "يعرضني للملاحقة الأمنية"، وأمل بأن يجد عملا يبعده عن كل تلك المخاطر.
ارتفاع حاد في تهريب السوريين
وعلى وقع تسيير دوريات للقوى الأمنية اللبنانية الرسمية داخل البلدة بهدف رصد أي عملية تهريب، قال رئيس بلدية الصويري حسين علي عامر إن معظم اللاجئين يدخلون البلدة عبر معابرها غير الشرعية.
وأوضح للمشارق أن "من يتم تهريبه هم سوريون ممن خُتمت أوراق خروجهم من سوريا عند نقطة الأمن العام السوري في جديدة يابوس، ورفض دخولهم للبنان عند نقطة الأمن العام اللبناني في المصنع".
وفي بعض الحالات يعمد مهربون سوريون على إدخالهم لبنان عبر ثلاث طرقات غير شرعية ذات طبيعة ترابية وعرة، وبعض الأراضي الزراعية.
هذه المعابر غير الشرعية كانت قبل أحداث سوريا يهرب عبرها المازوت، وأكد عمر أنه "مستحيل إغلاقها لكونها جبلية وترابية والسير فيها على الأقدام فقط".
وتابع عامر: "بعدما كنا نسمع بتهريب عشرات المواطنين يوميا عبر هذه المعابر بالمرحلة السابقة، إرتفع العدد مؤخرا مع الحديث عن تطورات أمنية مرتقبة بسوريا، ليصل للمئات في أيام كثيرة وعلى مراحل".
واشار عامر إلى أن المسافة التي تفصل بين نقطة جديدة يابوس السورية وبلدة الصويري عبر معابرها الجبلية الوعرة تتطلب سيرا على الأقدام 40 دقيقة فقط.
وأوضح أن من يهربهم "يعرف المنطقة بالتفصيل، ويرسم لهم خريطة للسير عليها، ويزودهم بأرقام هواتف سائقي تاكسي ومهربين، يكونون بإنتظارهم لنقلهم إلى الطريق العام الدولية أو إلى وجهتم بلبنان، لقاء بدل مالي متفق عليه مسبقا".
وختم بقوله: "فيما الجيش يسير دورياته بالبلدة، يصعب ضبط التهريب لأن مناطقنا الجبلية مفتوحة".
عمليات تهريب في مجدل عنجر
ولا تقتصر عملية تهريب السوريين للبنان على بلدة الصويري، إذ تشهد بلدة مجدل عنجر أيضا، ولكن بوتيرة أخف تهريبا لهم.
وبهدف الحد من من تهريب السوريين، قام فوج تدخل الحدود البري الرابع بإجراء تحصينات، وفق ما قال رئيس بلدية مجدل عنجر الحاج سعيد ياسين.
وقال للمشارق: "برغم تلك التحصينات، لا زلنا نشهد ونسمع بتهريب [اللاجئين] على يد مهربين سوريين وبعض شباب المنطقة".
وأكد ياسين أن أهالي بلدتي مجدل عنجر والصويري "غير راضين عما تشهده طرقاتنا الترابية من تهريب للسوريين بصورة غير شرعية، لأن ذلك يضر بسمعتنا، علما أننا نستضيف من بداية الأزمة السورية لاجئين".