بعد سلسلة الهزائم التي مني بها على جبهات عدة، بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) باللجوء إلى تكتيكات أكثر سرية لزرع الخوف في المناطق التي فقد السيطرة عليها واثبات وجوده فيها، حسبما أكد مسؤولون لديارنا.
وعمد لتحقيق هذه الغاية إلى استخدام الخلايا النائمة لتنفيذ هجماته، وهي مجموعات سرية تختبئ بين السكان حتى يأتيها الأمر بالعمل.
وأكد المسؤولون أن اعتقال عناصر الخلايا النائمة قبل أن يتمكنوا من شن هجمات يتطلب تعاوناً كاملاً من السكان المدنيين، مشددين على أهمية تكثيف حملات توعية الناس وضرورة الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.
وفي 9 نيسان/أبريل، أبلغ أحد السكان المحليين القوات العراقية عن خلية نائمة تتخذ من منزل في حي الزهور شرقي الموصل مقراً لها.
واستناداً إلى هذه المعلومات، داهمت القوات الأمنية المنزل حيث وجدت أسلحة ومتفجرات وكتب تروّج للتطرف، واعتقلت عنصرين من داعش.
وتحدث لديارنا عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة نينوى، حسام الدين العبّار، عن عدة مداهمات مماثلة نُفذت في الموصل بمساعدة الأهالي.
وقال إن أهالي الموصل "عانوا كثيراً أثناء احتلال داعش لمناطقهم"، مشيراً إلى أنهم لا يرغبون بتكرار ما حصل وهذا ما يدفعهم "للإبلاغ بشكل طوعي عن الخلايا الإرهابية".
التحرك استناداً إلى المعلومات
وأضاف العبّار: "تقوم أجهزة الأمن والاستخبارات والشرطة المحلية داخل الموصل بتحليل إفادات المبلغين وتتأكد من صحتها عبر مصادرها الخاصة".
وتابع أنه "بعد اكتمال التحقيقات واستخراج المذكرات القضائية، يتم اعتقال المطلوبين بشكل فوري".
وكشف العبار أنه منذ بداية العام الجاري، "قُبض على نحو 1200 إرهابي كانوا يشكلون خلايا نائمة بالأحياء المحررة من الموصل"، وتمت أغلب هذه العمليات بفضل المعلومات الإستخبارية التي أدلى بها سكان محليون.
وقبل تنفيذ الهجمات المخطط لها، عادة ما يقوم عناصر داعش المكلفين بالمهام السرية بالتسلل أولاً إلى داخل المناطق المستهدفة ويندمجون بين سكانها من أجل التحضير لهجومهم".
هذا ما جرى في الهجوم الذي استهدف يوم 7 أيار/مايو الجاري قاعدة عسكرية في كركوك والذي تمكنت القوات الأمنية من إحباطه حين صدت خمسة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة قبل أن يعمدوا إلى تفجير أنفسهم.
وبحسب التحقيقات الأولية، قال مسؤولون محليون إن المهاجمين كانوا يشكلون خلية نائمة لداعش تسللت في وقت سابق إلى المحافظة.
القضاء على الخلايا النائمة
من جهته، أكد نائب محافظ كركوك راكان الجبوري، أن القضاء على خلايا داعش النائمة يتم عبر الإسراع في تحرير المناطق المحتلة في كركوك، وأبرزها بلدة الحويجة، وعبر تنشيط العمل الإستخباري.
وأضاف لديارنا أنه "عندما تتحرر تلك المناطق، تفقد القيادات الإرهابية القدرة على توجيه خلاياها النائمة وتنشيطها".
ولفت إلى وجود تعاون متميز بين سكان كركوك وقوات الأمن، كاشفاً أنه "لا يمرّ أسبوع إلا ويتمّ فيه اصطياد خلية نائمة بدعم مباشر من الأهالي".
ونوّه أن السكان النازحين من مناطق داعش هم "مصادر غنية بالمعلومات"، وساهموا في الكشف عن عدة خلايا نائمة تسللوا إلى المحافظة مع موجات النازحين.
وفي 18 نيسان/أبريل الماضي، قاد سكان محليون رجال الإستخبارات العراقية إلى وكر لداعش في منطقة الطارمية الزراعية شمال بغداد، حيث اعتقل عشرة مسلحين وضُبطت كميات كبيرة من المتفجرات كانت بحوزتهم.
أما عضو اللجنة الأمنية بمجلس محافظة الأنبار راجع بركات العيفان، فأوضح أن تلك المناطق النائية والصحراوية تمثل "بؤراً طبيعية للخلايا الإرهابية وتهديداً خطيراً".
وأكد لديارنا ضرورة تشكيل قوات خاصة لمطاردة هذه الخلايا في المناطق النائية، لافتاً إلى أنها أصبحت الملاذ الأخير أمام الإرهابيين.
وأضاف أن "مواطنينا أصبحوا يعون جيداً خطط الإرهابيين ويقدمون كل ما لديهم من معلومات لدرء المخاطر الإرهابية".
استهداف الخلايا في سوريا
على صعيد آخر، تجهد قوات سوريا الديموقراطية للقضاء على خلايا داعش النائمة التي تسللت مع انتقال قوافل النازحين إلى مناطق أكثر أمانا في محاولة لتجنيد الشبان، وفقاً لما ذكره مسؤولون في هذه القوات.
وفي هذا الإطار، قال أحد سكان مدينة عين عيسى النازحين عبد الله حيدر لديارنا، إنه "لتفادي خطر الخلايا النائمة التابعة لداعش، تقوم قوات سوريا الديموقراطية وبالتعاون مع المجالس المحلية في المناطق المحررة والأجهزة التابعة لها بالتدقيق والمراقبة الدائمة لتفادي الخطر".
وأوضح أنه تمّ تشديد الإجراءات الأمنية في المناطق التي شهدت وفود النازحين، لأن داعش تقوم باستغلال عدم الاستقرار لإنشاء خلايا نائمة.
وأضاف حيدر أنه "في الوقت الراهن، يتمّ التشدد مع الهاربين من مناطق الرقة، وذلك عبر جمعهم في مخيم بالقرب من مدينة عين عيسى حيث يخضع الجميع للتدقيق الأمني لكشف أي متسلل".
وأردف أن المدنيين يتقبلون هذا الإجراء ويتعاونون كلياً مع القوات الأمنية.
وأردف أن "السكان يتجاوبون كلياً ويمتثلون للأوامر التي تصدرها القوات الأمنية والإجراءات التي تتخذها، خصوصاً لجهة التقيد بمنع التجوال والبقاء في المخيمات لحين الانتهاء من عمليات التمشيط".
اكتشاف العشرات من الخلايا
من جهته، قال ريبار نابو قائد إحدى الفرق الأمنية التابعة للأسايش في مدينة قامشلو، إن "الخلايا النائمة لداعش تعتبر من أخطر اسلحة التنظيم على الإطلاق".
وأوضح لديارنا أن المناطق السورية كافة تعرضت لضرر كبير جراء أعمال هذه الخلايا التي تنتشر في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم أو تلك التي تحررت منه.
وأشار إلى أنه "خلال الفترة التي تلت تحرير مناطق شمال سوريا، تمّ الكشف عن عشرات الخلايا التي كانت تعمل لصالح [داعش]".
وكشف نابو أن هذه الخلايا أوكلت بمهام متنوعة.
فبعضها كان مختصاً بزراعة الألغام والعبوات الناسفة لاستهداف المدنيين، وبعضها الآخر كانت مهمته التجسس لصالح التنظيم من خلال رصد التحركات العسكرية للفصائل المناهضة له.
وذكر أن القوات الخاصة التابعة للأسايش ألقت القبض على عناصر عدد من الخلايا النائمة التي كانت تنشط في منطقة تل حميس، حيث زرعت عبوات ناسفة لبث الخوف والرعب في قلوب المواطنين.
وأردف أن عمليات الاعتقال هذه جاءت نتيجة لعملية رصد دقيقة لسكان هذه المناطق، إضافة إلى المعلومات المهمة التي قدمها السكان المحليون.
وختم بالقول إن "أهالي المناطق المحررة من داعش يتقدمون وبشكل يومي ببلاغات عن أشخاص مشتبه بهم، وذلك إما عبر البلاغ المباشر في المراكز أو للدوريات المنتشرة في المنطقة، أو عبر أرقام الهاتف التي عُممت لمثل هذه الحالات".