وجّه قرار جديد حول وضع حقوق الإنسان في سوريا صدر عن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، "إدانة شديدة اللهجة" في وثيقة واحدة لكل من النظام السوري وحلفائه والجماعات الإرهابية التي تتحرك في سوريا.
وفي قرار أقرّ في 24 آذار/مارس، دان مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشدة "استمرار الانتهاكات المنهجية واسعة النطاق والجسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ترتكبها السلطات السورية والميليشيات التابعة لها".
ووجّه القرار انتقادات لاذعة للتنظيمات الأجنبية التي تحارب لصالح النظام السوري، ولا سيما حزب الله اللبناني، معرباً عن "مخاوف كبيرة بأن يساهم تورطها في تفاقم الوضع المتدهور أصلاً".
كذلك، دان القرار "الأعمال الإرهابية وأعمال العنف ضد المدنيين" التي يتركبها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية.
وأعرب عن قلق إزاء المعلومات الواردة في تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، بما فيها تلك التي تكشف أن الانتهاكات المرتكبة في حلب وصلت إلى مستوى جرائم الحرب، وخصوصاً تلك التي نفذها النظام السوري وحلفاؤه.
وذكر القرار أن هذه المعلومات تشير إلى أن القوات الموالية للنظام ارتكبت جرائم حرب باستهداف عناصر محمية بموجب القانون الدولي عمداً، بما في ذلك عاملين في المجال الطبي والنقل.
كما دان القرار "الممارسات واسعة النطاق للاختفاء القسري والاعتقال التعسفي واستخدام العنف الجنسي والتعذيب وسوء المعاملة، لا سيما في مرافق الاحتجاز التي تديرها السلطات السورية".
انتهاكات لحقوق الإنسان
في هذا السياق، قال المحامي السوري بشير البسام إن "وضع كل من النظام السوري وداعش وحزب الله في سلة واحدة بالنسبة لما يتعلق بحقوق الإنسان في سوريا من انتهاكات للقانون الإنساني، من شأنه أن يحكم الطوق أكثر على رقبة كل من حزب الله وقوات النظام والميليشيات الطائفية التابعة له".
وأكد لديارنا أن الحكومات الدولية والمؤسسات السياسية والأمنية والإنسانية باتت متفقة على الإجرام الممارس من قبل تنظيم داعش الذي تم تصنيفه كتنظيم إرهابي.
وذكر أن الأمر يختلف بالنسبة للنظام السوري والميليشيات المساندة له، حيث تنقسم الآراء حول هذا الموضوع.
وقال "لا شك في أن تقديم الأدلة من خلال مؤسسات ولجان وبعثات الأمم المتحدة حول الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني من شأنها إيضاح الصورة بشكل رسمي"، بدءاً بالنظام السوري ومروراً بالميليشيات التابعة له ووصولاً إلى الحرس الثوري الإيراني وهو الداعم الرئيسي للميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام.
وأضاف البسام أن الهيئات السورية المختصة بملفات حقوق الإنسان تعمل على إعداد "قوائم موثقة لأسماء جميع المعتقلين في السجون السورية، بالإضافة إلى وضع قوائم أخرى تضم أسماء كل من قضى خلال التعذيب في هذه المعتقلات".
وأشار إلى أن هذه الوثائق ستشمل شهادات العشرات من الأسرى السابقين والمدنيين الذين كانون متواجدين في المناطق المحاصرة التي اقتحمتها الميليشيات المقاتلة جنباً إلى جنب مع قوات النظام.
من جانبه، اعتبر فتحي السيد الباحث المتخصص بالشأن الإيراني في حديثه لديارنا، أنه بإدانة حزب الله اللبناني، يدين القرار الأممي الجديد أيضاً الجهة الداعمة له، أي الحرس الثوري الإيراني.
وقال إن "القرار تطرق إلى الانتهاكات والجرائم التي حصلت خلال معارك حلب وأشار إليها على أنها وصلت إلى مستوى جرائم الحرب".
ولفت إلى أن القرار ذكر بالتحديد أن تلك الجرائم ارتكبتها قوات النظام السوري وحلفاؤها، علماً أنها هاجمت المدنيين والفرق الطبية العاملة في مناطق حلب المحاصرة. وأضاف السيد أن المدنيين تعرضوا لانتهاكات مباشرة عندما دخلت الميليشيات الموالية للنظام إلى تلك الأحياء.
التحقيق مستمر
وبدوره، قال خير الدين عبد المتعال خبير القانون الدولي والأستاذ المحاضر في جامعة أسيوط المصرية، إن قرار الأمم المتحدة مدد فترة عمل اللجنة الخاصة بسوريا لمدة سنة إضافية.
وأوضح أن "هذا التمديد لم يأتِ لعدم وجود أدلة للإدانة في هذه القضايا، بل على العكس فيبدو أن الأدلة موجودة لكنها تحتاج إلى المزيد من التدعيم من خلال الأدلة الأكيدة المستندة إلى وقائع مثبتة وشهادات حول ما يجري".
وأكد أن التحقيق واسع النطاق ويشمل أعمال الإرهاب التي تستهدف المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية والاعتقالات التعسفية وحجز الحريات.
وذكر أن القرار ركّز على استخدام الأساليب المتعددة للتعذيب، ومنها العنف الجنسي وسوء المعاملة في المعتقلات السورية.
وأكد أن هذا القرار يعتبر مهماً كونه "دعا إلى تسهيل مهمة اللجنة الدولية مع التلويح إلى اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية باعتبارها الملجأ الأخير لمن يحاول الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة، وخصوصاً الدول".
ورأى أن "هذا التلويح يعتبر الأهم منذ بدء الأزمة السورية ويشكل تهديداً صريحاً موجهاً للنظام السوري لدفعه إلى التعاون الكامل في التحقيقات الجارية والضغط عليه لفتح المعتقلات والسجون للكشف على الأوضاع الحقيقية فيها".