إرهاب

أهالي شمال سيناء يبقون متحدين بعد هجمات داعش

وليد أبو الخير من القاهرة

القوات المسلحة المصرية تنفذ غارة تستهدف مخبأً للمتطرفين في شمال سيناء. [حقوق الصورة للقوات المسلحة المصرية]

القوات المسلحة المصرية تنفذ غارة تستهدف مخبأً للمتطرفين في شمال سيناء. [حقوق الصورة للقوات المسلحة المصرية]

تشهد مناطق شمال سيناء حالة من الاستنفار الأمني الشديد بعد سلسلة الهجمات التي استهدفت المسيحيين ونفذتها ولاية سيناء التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).

وخلال الشهر الماضي، قتل سبعة مسيحيين في العريش عاصمة محافظة شمال سيناء. فقتل خمسة منهم رمياً بالرصاص، فيما قطع رأس واحد وتم حرق آخر.

وقوبلت هذه الهجمات بموجة من الاستنكار من المسلمين والمسيحيين على حد سواء، ولكن هرب العشرات من المسيحيين الأقباط من المحافظة جراء الخوف ، حسبما ذكر مسؤولون من الكنيسة الأسبوع الماضي.

وقال وزير الشؤون القانونية والبرلمانية عمر مروان يوم الأحد، 26 شباط/فبراير، إن الحكومة وفرت مساكن لـ 118 عائلة قبطية فرت من شمال سيناء.

قس من الطائفة الأرثوذكسية القبطية في مصر يواسي امرأة مسيحية لجأت إلى الكنيسة الإنجيلية في مدينة الاسماعيلية في قناة السويس في 25 شباط/فبراير. [مؤمن سمير/وكالة الصحافة الفرنسية]

قس من الطائفة الأرثوذكسية القبطية في مصر يواسي امرأة مسيحية لجأت إلى الكنيسة الإنجيلية في مدينة الاسماعيلية في قناة السويس في 25 شباط/فبراير. [مؤمن سمير/وكالة الصحافة الفرنسية]

مسيحيون أقباط من مصر يفرغون أمتعتهم من شاحنة بعد لجوئهم إلى الكنيسة الإنجيلية في مدينة الإسماعيلية في قناة السويس في 24 شباط/فبراير. [مراسل/وكالة الصحافة الفرنسية]

مسيحيون أقباط من مصر يفرغون أمتعتهم من شاحنة بعد لجوئهم إلى الكنيسة الإنجيلية في مدينة الإسماعيلية في قناة السويس في 24 شباط/فبراير. [مراسل/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأوضح أنه تم إيواء 96 عائلة من أصل مجموع الـ 118 في محافظة الاسماعيلية المجاورة وثماني عائلات في القليوبية و12 عائلة في أسيوط وعائلتين في القاهرة.

ʼضرورة التمسك بالوحدة الوطنيةʻ

وفي هذا الإطار، دعا مرصد الفتاوى التابع لدار الإفتاء المصريين إلى "التمسك بالوحدة الوطنية وعدم السماح للدعاية الخبيثة والهدامة من الدخول إلى هذا الوطن".

وقال المرصد إن الجماعات الإرهابية تمكنت من إيجاد معقل لها في سوريا والعراق وليبيا كونها نجحت في "إثارة الصراعات الطائفية والأهلية في تلك البلدان".

وذكر أن "التماسك الوطني المصري بين أبناء الوطن ومساندتهم لمؤسساتهم العريقة في حربها الضروس ضد معاقل التطرف والإرهاب، لهو الضمانة الأهم والركيزة الأبرز لمنع التنظيمات المتطرفة والتكفيرية من التمدد على أرض هذا الوطن".

ابراهيم عبيد، 50 عاماً، وهو من أهالي العريش أكد أنه على الرغم من استهداف المسيحيين في موجة الهجمات الأخيرة، إلا أنه يجب على الجميع في سيناء البقاء متحدين.

وأوضح للمشارق أن "أهالي المنطقة يعون أنهم جميعاً مستهدفون ويعلمون أن المقصود هو إثارة الأقباط ضد المسلمين لتحدث ردات فعل تشعل المنطقة بالفتنة الطائفية".

وقال إن حالة من "التضامن الشعبي موجودة حالياً ووصلت إلى درجة أن بعض العائلات المسيحية وعددها ليس بقليل، لجأت إلى بيوت المسلمين إلى حين هدوء الأوضاع"، ذاكراً أن "أصحاب المتاجر الأقباط محاطون حالياً بالتجار المسلمين والأصدقاء الذين لا يفارقونهم أثناء تنقلاتهم".

داعش تستهدف كل المصريين

وفي السياق نفسه، رفض القمص ميخائيل باخوس الموجود حالياً في مدينة العريش، مقولة أن تنظيم داعش يستهدف المسيحيين في شمال سيناء.

وأكد للمشارق أن "العبارة الصحيحة هي أن داعش لا تزال تستهدف المواطنين المصريين في المنطقة، ففي المواطنة لا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي".

وتابع أن "هذا الأمر إن تم التأكيد عليه، فهو خير رادع لمحاولات داعش لتخويف الأقباط ودفعهم لمغادرة أراضيهم وإحداث الفتنة بين أبناء الوطن الواحد".

وأشار باخوس إلى أن التنظيمات الإرهابية استهدفت المسلمين قبل المسيحيين، بل قتلت عدداً كبيراً من المسلمين بطرق بشعة جداً.

وأضاف باخوس أن "أهالي المنطقة معروفون بنبذهم للعنصرية الطائفية، فهمومهم مشتركة وكذلك أفراحهم وأتراحهم، وأبناؤهم يقاتلون في صفوف الجيش المصري جنباً إلى جنب".

ومن جانبه، قال مدحت زاخر وهو مدرس في إحدى المدارس الإعدادية في منطقة العريش، إن "حالة من التوتر تسود بين صفوف المسيحيين في منطقة العريش مع حالة من النقمة على الإرهابيين".

وشرح للمشارق أن أحد أقربائه قتل في 12 شباط/فبراير عندما أطلق عليه الإرهابيون النار فيما كان يغادر عيادته البيطرية.

ولفت إلى أن "الأقباط يفرقون تماماً بين المسلمين من أبناء المنطقة وبين الإرهابيين، خصوصاً وأن عدد المسلمين الذين قتلوا على يد المتطرفين في المنطقة يبلغ أضعاف المسيحيين".

وتابع "فإن الأمر لا يتعلق إلا بمحاولة إحداث الفتنة الطائفية بين أبناء البلد الواحد، أو الانتقام من الأقباط بسبب موقفهم الواضح والجريء المنحاز إلى جانب القوى الأمنية الشرعية ومساندتهم للجيش المصري طوال الفترة الماضية".

وأثنى زاخر على حالة التعاضد الكبيرة بين أبناء المنطقة من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، مشيراً إلى أن "جنازات القتلى المسيحيين شهدت مشاركات كثيفة من المسلمين بشكل لم تشهده المنطقة من قبل على الإطلاق".

وعبّر عن أمله بأن "تزول هذه الغيمة قريباً عن منطقة سيناء وكل مصر والمنطقة والعالم".

تعزيز التدابير الأمنية

أما اللواء جودت أشرف وهو مسؤول في الشرطة المصرية ومركزه حالياً في سيناء، فقال إن الهجمات على المسيحيين في شمال سيناء نفذت خلال فترة عشرة أيام.

وأضاف أن ذلك يدل على أن "مخططاً وضع لاستهداف الأقباط وتم تنفيذه بسرعة".

وأشار في حديث للمشارق إلى أنه تم اتخاذ حزمة جديدة من التدابير الأمنية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

وأوضح أن هذه التدابير تشمل منع استخدام الدراجات النارية في بعض المناطق مثل وسط وشمال سيناء والمنطقة الممتدة بين رفح والشيخ زويد والعريش وجبل المغارة وجبل الختمية وطابا ورأس سدر.

وأضاف أن "التحريات والمعلومات الأمنية أكدت أن الإرهابيين يتنقلون بواسطة الدراجات النارية بعد أن تمت السيطرة على تنقلاتهم بسيارات الدفع الرباعي".

وقال أشرف إن القوات المصرية تعتمد أيضاً أسلوباً جديداً حيث "يتم إقفال مناطق محددة بشكل كامل ليصار إلى مداهمتها وتفتيشها تفتيشاً دقيقاً بحثا عًن الإرهابيين".

ولفت إلى أن أول عملية من هذا النوع جرت في 22 شباط/فبراير في حي كرم أبو نجيلة الذي يقع في وسط مدينة العريش، ذاكراً أن تم خلالها تفتيش جميع المنازل والمحلات التجارية والتدقيق بالأوراق الثبوتية للمواطنين.

وأشار إلى أنه تم اعتماد هذا الأسلوب "بعد التأكد من تسلل الإرهابيين إلى بعض المناطق السكنية هرباً من المنطقة الصحراوية".

وتابع أن العديد من المتطرفين هربوا من الصحراء متجهين إلى المناطق المدنية نتيجة الغارات المتتالية التي نفذها الجيش في إطار عملية "حق الشهيد".

وكشف أشرف أن القوى الأمنية لديها أسماء ثلاثة مشتبه بهم "يسود الظن بأنهم كانوا وراء عمليات اغتيال الأقباط"، قائلاً إنهم جميعاً تحت سن الثلاثين وإن قائدهم والعقل المدبر للخلية هو أجنبي.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500