أكد خبراء في السياسات التربوية من مختلف أنحاء المنطقة خلال اجتماع عقد مؤخراً في بيروت أن المناهج التربوية تشكل أداة أساسية لإبعاد الشباب عن التطرف، ولكن الإصلاح ضروري لتكون فعالة.
وبعد منتدى إقليمي عقد في بيروت في 29 و30 أيلول/سبتمبر، أصدر 50 خبيراً في السياسات التربوية من لبنان والعراق والبحرين وعمان والأردن وسوريا ومصر وتونس مجموعة من 16 توصية لإصلاحات تربوية.
وتشمل النقاط التي وردت في إعلان بيروت حول الإصلاح التربوي للوقاية من التطرف بالمجتمعات العربية، توصيات تمحورت حول بناء منظومات تربوية تعزّز قيم المواطنة والتنوع وترسخ مبادئ عدم التمييز وقبول الاختلاف.
وشدد الإعلان على الحاجة إلى تحديث الموروث الديني للتركيز على هذه القيم، ودعا إلى تشكيل مجالس عليا مستقلّة للتربية والثقافة والعلوم تضع سياسات وتطوّر مناهج تربوية.
ودعا أيضاً إلى تشكيل هيئات وطنية مستقلة لرصد عوارض التطرف لتتم معالجتها.
وقال مستشار السياسات في مؤسسة أديان، زياد الصائغ، للمشارق إن الإعلان حمل "رؤية مفاهمية للإصلاح التربوي وتوصيات لخطوات تنفيذية".
وأضاف "لن يبقى الإعلان مجرد إعلان بل هناك عمل دؤوب لإنجاز استراتيجية تشبيك مع المؤسسات التربوية الفاعلة كما المؤثِّرين بصوغ السياسات التربوية".
وتابع أن هذا المشروع سيأخذ في الاعتبار خصوصية السياسات الوطنية.
وقال الصائغ إن الإصلاح التربوي هو قبل كل شيء "إصلاح بالذهنية ومبادرة لبث عناصر تجديد بمناهجنا التربوية لبناء السلام والمواطنة الحاضنة للتنوع".
وأشار إلى أن التحديات كثيرة إلا أن هناك قناعة وإرادة بإنجاز الإصلاح المرتجى، لافتاً إلى أن مبادرات تعميم الإعلان بدأت في لبنان وبلدان عدة أخرى في المنطقة.
واعتبر الصائغ أن "إصلاح التربية الدينية كان محوراً أساسياً من محاور الاجتماع الإقليمي، وكان بحث في الجذور الدينية للتطرف".
التطرف إحدى المخاوف الاجتماعية الأساسية
في هذا السياق، قالت منسقة برنامج المواطنة والتعايش بمؤسسة "أديان" فانيسا بريدي، إن "التطرف هو أحد أبرز العناوين التي تتصدر لائحة المشاكل الاجتماعية والسياسية بالمنطقة العربية والعالم".
وأضافت للمشارق أن "الإصلاح التربوي يعتبر من أبرز الوسائل للوقاية من التطرّف العنفي الذي يهدد مجتمعاتنا اليوم".
ولفتت إلى أن فهم إشكالية التطرف وحلّها تأخذ من اهتمام الكثير من منظمات المجتمع المدني والخبراء وصانعي السياسات، ذاكرةً أن الحلول المقترحة تختلف بحسب نوع التطرّف ودرجاته وأسبابه.
وأوضحت أن الحاجة إلى الإصلاح التربوي تبرز من ضعف المناهج التربوية والجهاز التربوي بشكل عام، والحاجة إلى إعطاء المناعة للطلاب في مواجهة الأفكار والأعمال التطرفية.
وأكدت بريدي أنه "لا بد من إصلاح تربوي ممنهج يشمل كل الجهاز التربوي، من مناهج وطرق تعلمية ومنهجيات وتدريب معلمين وإدارة وأنشطة تربوية داخل وخارج الصف".
وأضافت أن دور وزارات التربية أساسي لتحقيق الإصلاح المنشود، لافتةً إلى أن أي إصلاح تربوي حقيقي يجب أن يكون بالشراكة مع المؤسسات العامة والخاصة والمجتمع المدني.
أما مدير حوزة الإمام السجاد، الشيخ محمد علي الحاج العاملي، فاعتبر أن "محاولات إصلاح وترشيد السياسات التربوية في لبنان وعموم بلادنا العربية والإسلامية تحظى بأهمية قصوى".
وأكد للمشارق أنها تأخذ مكانة متقدمة في سلّم أولويات السياسيين "بغية تجاوز المحن الّتي تفتك بعالمنا".
وختم قائلاً إن "درهم وقاية خير من قنطار علاج".