قال خبراء لموقع المشارق أن لا مستقبل لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) في اليمن رغم الأدلة الجديدة التي أظهرت حصوله على كميات كبيرة من المال لتمويل عملياته في البلاد.
وأوضحوا أن سبب ذلك يعود إلى طبيعة المجتمع اليمني القبلي وكونه لا يرحب بالتنظيمات الإرهابية، قائلين إن تنظيمات كداعش والقاعدة استغلت الحرب القائمة لتحقيق مكاسب إقليمية. وأكدوا على أنها ستضعف فور إعادة إحلال السلام في البلاد.
وفي تقرير سري رُفع إلى مجلس الأمن، كشف خبراء الأمم المتحدة لمراقبة العقوبات المفروضة على اليمن، الشهر الماضي عن حصول تنظيم داعش على مبالغ كبيرة من المال في آذار/مارس ونيسان/أبريل، وقد استخدمها التنظيم في استقطاب المجندين وتمويل عملياته وشراء العتاد.
وتحدث التقرير عن الصراع بين تنظيمي القاعدة في شبه جزيرة العرب وداعش في اليمن، مشيراً إلى أن القاعدة استغلت حالة الحرب للسيطرة على مناطق في جنوب اليمن وشرقه، فيما وضعت داعش موطئ قدم لها في البلاد.
وذكرت وسائل إعلام عالمية اطلعت على التقرير المؤلف من 105 صحفة، أن كلا التنظيمين يعملان حالياً على إضعاف أحدهما الآخر مع تنافسهما لاستقطاب مجندين جدد.
وفي هذا السياق، شددت اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في اليمن على أهمية تجفيف منابع تمويل الجماعات المتطرفة.
وقالت في بيان صدر في 8 آب/أغسطس، إن الظروف الحالية التي يعيشها اليمن سهّلت على الجماعات الإرهابية تنفيذ عمليات تبيض الأموال ونقل الأموال إلى مثل هذه الجماعات.
وأضاف أن هذه هي الحال بالنسبة إلى المناطق الجنوبية والشرقية الواقعة تحت سيطرة الجماعات المتطرفة.
تمويل غير مشروع
في هذا السياق، قال الباحث الإستراتيجي سعيد عبد المؤمن إن "داعش من خلال تواجدها في حضرموت استفادت كثيراً من مبيعات النفط وأيضاً من التحكم بالميناء واستيراد المشتقات النفطية لمحافظات مأرب وصنعاء وصعدة والجوف وغيرها من المحافظات".
وأوضح في حديث للمشارق أن ذلك أمّن للتنظيم إيرادات شهرية قُدرت بمليار ريال يمني (4 ملايين دولار).
وأضاف أن تنظيمي القاعدة في شبه جزيرة العرب وداعش كانا متواجدين في هذه المناطق في آذار/مارس وخلال فترة من نيسان/أبريل قبل أن تستعيد القوات اليمنية وقوات التحالف السيطرة على مدينة المكلا الساحلية وأجزاء أخرى من محافظة حضرموت.
وقال عبد المؤمن إن "المتاجرة بالنفط كانت المصدر الرئيسي، بالإضافة إلى السيطرة على ميناء المكلا، حيث كانت هذه الجماعات تحصل على رسوم بدلاً من الدولة".
وأشار إلى احتمال تلقي فرع داعش في اليمن أموالاً بطرق سرية من التنظيم الأم الذي يعتمد على البيع غير المشروع للنفط العراقي والسوري لتمويل عملياته.
وبدوره، أشار الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة محمد عزان، إلى أن "الأخبار تتردد أن الجماعات الإرهابية حصلت على تمويل كبير أثناء سيطرتها على المكلا خلال الأشهر السابقة، وذلك من اتاوات كانت تفرضها على الحركة البحرية والبرية وما يتخللها من تهريب".
قوة نظام القبيلة
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي عدنان الحميري إن "لا مستقبل لداعش في اليمن نظراً لعوامل متعددة أهمها أنه لا توجد حاضنة حقيقة لداعش في اليمن".
وأوضح للمشارق أن ذلك يعود جزئياً إلى واقع أن "الأحزاب السياسية تعمل في الظاهر وليس في السر"، مضيفاً أن "هناك قوى إسلامية تعمل في الظاهر ولها مشاريع مناهضة للجماعات المتطرفة مثل داعش".
ومن جانب آخر، أشار الحميري إلى أن الشعب اليمني تحكمه أنظمة القبيلة حيث أن "القبيلة ترفض أن تكون مظلة لأية أنظمة متشددة حتى وإن جاءت فترات تسيطر فيها هذه التنظيمات على مناطق جغرافية في أوقات ضعف الدولة".
وأكد أنه سرعان ما تفقد هذه التنظيمات ما كانت تسيطر عليه، وهذه كانت الحال مع القاعدة في أبين والمكلا، حيث أجبر التنظيم على الخروج منهما عدة مرات.
وتابع أن "داعش تفتقد إلى الحاضنة السياسية المتمثلة بالأحزاب أو القبيلة".
واعتبر الحميري أن الظروف التي يعيشها اليمن حالياً مكّنت داعش وغيرها من الجماعات من إيجاد موطئ قدم، نظراً لانشغال مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية بالصراع والحرب والانقسام الدائر.
ولفت إلى أن ذلك أوجد حالة من الفراغ الأمني والاقتصادي، مما سهّل على داعش استلام الأموال واستقطاب عناصر جديدة، مضيفاً أن "عودة السلام لليمن وعودة مؤسسات الدولة ستضعف هذه التنظيمات إلى أدنى المستويات".