أكد محللون أمنيون للشرفة أن الأعمال الدرامية التي تعرض على شاشة التلفزيون خلال شهر رمضان قد تشكل وسيلة هامة لمكافحة الإرهاب، في ظل تنامي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
وقالوا إن هذه الأعمال تشهد إقبالا كبيرا من مختلف الشرائح الاجتماعية، ما يجعل منها مادة نقاشية داخل العائلة إضافة إلى كشفها لحقيقة هذه الجماعات والجرائم التي ترتكبها باسم الدين.
الصحافي المصري السيد عبد الفتاح علي قال للشرفة إن "مسألة الارهاب أصبحت من المواضيع التي تهم صناع الدراما في مصر والعالم العربي". وأضاف أن "هذا الاهتمام بدأ منذ سنوات قليلة وتصاعد مع تصاعد الموجة الإرهابية التي وصلت الى ذروتها مع ظهور تنظيم داهش".
ولفت إلى أن أقوى الأعمال هذا العام هو مسلسل "سلفي" السعودي، بجزئه الثاني بعد نجاح الجزء الاول في العام الماضي.
يتطرق مسلسل "سلفي" إلى أسباب ظاهرة الإرهاب وانتشارها وطرق القضاء عليها، مركزا، بحسب علي، "على الشباب وتعرضهم لغسيل الأدمغة الكامل من قبل المنظمات الإرهابية ما يحولهم إلى مجرمين بشكل كلي".
وذكر أن هذا المسلسل تنبأ بجزئه الأول بإمكانية أن يقتل الابن والده تنفيذا لأوامر الأمير الإرهابي، وهو ما حصل فعلا في الواقع على خلفية عقيدة "الولاء والبراء" التي يروج لها رجل دين متشدد موالي لداعش.
وتحدث علي عن مسلسل "مأمون وشركاؤه" بطولة الفنان عادل إمام، وقال إنه يتناول هذه القضايا المهمة في قالب كوميدي – اجتماعي.
وأوضح أن المسلسل يعالج "ظاهرة التعصب الديني والتفسير الخاطئ للتعاليم الدينية، كون هذه المسألة من أهم المسائل التي تجتاح المنطقة العربية"، منوها أن إمام كان أول فنان عربي يهاجم الإرهاب في أعماله الدرامية والسينمائية منذ ثمانينات القرن الماضي.
فضح وجه التطرف القبيح
ويطل الفنان يوسف الشريف عبر مسلسل "القيصر" ليجسد دور أمير إالجماعات الارهابية العاملة في منطقة سيناء بمصر.
"يكشف هذا المسلسل الإجرام الحقيقي الذي يسيطر على عقول هذه الفئة من الناس والوسائل اللا شرعية التي يعتمدونها لتحقيق مآربهم واهدافهم"، وفقا علي، وبينها قتل المدنيين والعناصر الأمنية.
معدّ البرامج في إحدى الفضائيات الخاصة علي الفياض، قال إنه بإمكان الأعمال الدارمية التلفزيونية المساهمة في جهود مكافحة الإرهاب بطرق مختلفة.
وأكد أن العديد من القنوات تحرص على المشاركة في "الحملة التثقيفية والحرب على الإرهاب من خلال إبراز وجهه القبيح".
إلى هذا، أشار إلى أن تناول المواضيع المرتبطة بالإرهاب تؤهل لاحتلال المراتب الأولى، إذ أن كل البرامج التي تعالج هذه القضايا تحتل المرتبة الأولى في قائمة اهتمام المشاهدين.
وتابع الفياض أن المسلسلات التي تتطرق إلى ظاهرة الإرهاب تعرض "في أوقات ذروة المشاهدة –من الإفطار حتى السحور- وهي أغلى الاوقات بالنسبة للمعلنين، ما يدل على أهميتها بالنسبة للقنوات والمشاهدين على حد سواء".
تحصين العقول ضد التطرف
بدوره، رأى مدير قسم الإعلام الجديد في مركز ابن الوليد للدراسات والأبحاث الميدانية في مصر، مازن زكي، أنه "لا بد من أن تكون الدراما العربية جزءا لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب".
واعتبر أن بعض الأعمال الدرامية نجح خلال السنوات الأخيرة في إيصال رسالة مكافحة الإرهاب، مؤكدا في الوقت عينه الحاجة إلى بذل جهود أكبر.
وقال إن "الأعمال الدرامية في شهر رمضان لها خصوصيتها باعتبارها طقس من الطقوس الاجتماعية لهذا الشهر". وأوضح أن "المسلسلات التلفزيونية تتمتع بنسبة عالية من المشاهدة خلال رمضان وتشاهد جماعيا كون العائلة تجتمع في هذا الشهر".
وتابع زكي أن أفراد العائلات يشاهدون التلفزيون سويا قبل وبعد الإفطار وخلال السهرات وأوقات السحور، مضيفا أن لهذا الأمر مردودا كبيرا لجهة "تحصين العقول ضد الأفكار الإرهابية، وذلك بفضل العائلة والنقاشات التي تدور خلال البرنامج وبعد عرضه".
والأهم من هذا كله، ختم قائلا، إن المشاهدين ينتمون إلى طبقات المجتمع كافة، لأن الناس من مختلف الشرائح الاجتماعية شهدوا تعرض أبنائهم للتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية.