أوصى مؤتمر للشباب في البحرين عقد في 29 و30 أيار/مايو بوضع استراتيجية إعلامية وطنية شاملة لمحاربة التطرف.
ودعا مؤتمر "الشباب ضد التطرف" الذي نظمه مركز عيسى الثقافي في العاصمة المنامة بمشاركة جامعات حكومية وخاصة، إلى تأسيس لجنة وطنية وتنسيقية معنية بمكافحة التطرّف والإرهاب من كافة أبعاده.
واقترح أن تشمل اللجنة ممثلين من الجهات الرسمية الأمنية والتشريعية والقانونية والتربوية والثقافية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والإعلامية، إضافة إلى الجهات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني.
ودعا المشاركون أيضا إلى ترسيخ الثقافة الوطنية ونشر قيم التسامح ومبادئ احترام التنوع الفكري التي تتوافق مع الدين الإسلامي.
وأوصى المؤتمر بالسعي نحو إبراز الرموز الدينية والثقافية والوطنية المعتدلة، ليكونوا مرجعية لأبناء المجتمع وشبابه.
وأوصى المؤتمر أيضا بفرض الرقابة على الأفراد والمؤسسات والمنابر الدينية والسياسية التي تستهدف الشباب وتدعو إلى الكراهية والاقصائية وتحرض على ممارسة العنف والإرهاب، ومعاقبتها ضمن عقوبات رادعة في نطاق القانون وفي إطار حرية ممارسة الحقوق وإبداء الرأي، مما يؤدي إلى تجفيف منابع التطرف.
وتطرق المؤتمر الى أربع محاور رئيسة هي: نشأة وأسباب وآثار ومخاطر التطرف، والتطرف من منظور فكري وقانوني وديني واجتماعي، والاعلام والتطرف، وحماية وتحصين النشء والشباب والمجتمع من التطرف.
تفعيل دور الشباب
وقال الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، إن "المؤتمر حقق أهدافه بنشر مفهوم الوسطية والاعتدال وتقبل الآخر واحترام الاختلافات بين الشباب، إضافة إلى تفعيل دور الشباب من كلا الجنسين للمشاركة الفاعلة في عملية التغيير والنهضة المجتمعية".
وألمح الشيخ خالد للشرفة إلى أن الشباب المشاركين في المؤتمر كانوا متحمسين لمناقشة قضايا مكافحة الإرهاب، "مما يدل على وعي النشء الجديد بمخاطر التطرف والعنف والأفكار الهدامة على المجتمع المحلي وانعكاس ما يدور من تطورات اقليمية على الشأن المحلي".
وحث الشباب على ضرورة الانفتاح على العالم مع اليقظة وتوخي الحذر في استيعاب كل ما يطرح حولهم من أفكار ووسائل تواصل، وأن يكون لديه الحصانة الكافة لمواجهة كافة الطرق الحديثة في غسل الأدمغة من قبل التنظيمات الإرهابية.
وذكر الشيخ خالد أن الورش التوعوية والمؤتمرات الشبابية المتخصصة من شأنها أن تعطي "حصانة أكثر للأجيال الجديدة وتحاكي الذات الشبابية الراغبة بالبناء والتنمية بعيدا عن أفكار الهدم والخراب".
من جانبه، قال عامر السعيدي، الأستاذ المساعد بكلية القانون بالجامعة الملكية للبنات، إن "البحرين كانت وما تزال سباقة في مناقشة وعرض أفكار شبابية غير مطروحة في السابق".
ولفت إلى ان مداخلات الشباب خلال جلسات المؤتمر امتازت "بالجرأة والخروج عن المألوف في طرح حلول غير تقليدية لمكافحة التطرف".
اهتمام بحريني بمحاربة التطرف
وذكر السعيدي أن إقامة مثل هذا المؤتمر الخاص بالشباب في هذا التوقيت بالذات يعكس الاهتمام البحريني على المستويين الرسمي والشعبي لمحاربة الأفكار المتطرفة.
ورأى أن ثمة اهتمام كبير في توعية الشباب بأهوال صناعة الموت، من خلال تحولها إلى "نموذج عالمي فريد" من التسامح والتعايش.
وبيّن السعيدي أن إشراك الشباب في صناعة القرار بات أمرا ملحا في هذا العصر الذي أصبح فيه النشء الجديد أداة محورية في قيادة عجلة البلاد والمنطقة نحو السلام والامن والاستقرار.
وأضاف السعيدي "للأسف اصبحت فئة الشباب أداة الإرهاب الرئيسة، وبالتالي لا بد من إشراك الشباب في طرح أفكار عملية وعلمية تساهم في مكافحة التطرف".
واعتبر أن من بالغ الأهمية أن تقوم "مثل هذه الفعاليات بالاطلاع عن كثب على أفكار وعقليات فئة مستهدفة بصورة مباشرة من قبل الجماعات الإرهابية".
واعتبر السعيدي "الإرهاب نوع من أنواع تحجر العقول والانغلاق على الذات، ولمحاربته لا بد من الانفتاح في الفضاء الواسع وتوسعة رقعة مساحة الحرية والحوار".
وأعطى على سبيل المثال السعودية التي بذلت جهودا كبيرة من خلال تفعيل الحوارات الفكرية والدينية ونجحت بشكل منقطع النظير في محاربة آفة الإرهاب.
ترسيخ رسالة الشباب
أما سلمان العامر المشارك في المؤتمر ممثلا عن المؤسسة الخيرية الملكية، فقال إن المؤتمر أتاح "فرصة ذهبية للشباب لتقديم أفكارهم ولاستعراض جهودهم وتجاربهم الفكرية والإبداعية".
وأشار إلى أن استخدام الشباب للغة عصرية مشتركة بينهم، يجعل "الرسالة من الشباب الى الشباب أبلغ وأكثر تأثيرا".
ورأى العامر أن مسؤولية إعداد الشباب تبدأ منذ الطفولة بمشاركة الوالدين والأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الاعلام.
وأكد في نفس الوقت أن "المجتمعات العربية وبخاصة الخليجية مطالبة بمحاربة الممارسات الإجرامية التي لا تمت بالدين بأي صلة عبر التشريعات الصارمة وتعزيز برامج التوعية والمناصحة بين الشباب الذين يتم غسل أدمغتهم بأفكار متطرفة لتحقيق مآرب إرهابية".
ولفت العامر إلى أنه من أهم توصيات المؤتمر هو تعزيز الجهود الأكاديمية والتشجيع على إعداد ونشر الدراسات والبحوث الشبابية التي تناقش التطرف من أبعاده المختلفة.
واعتبر أن تلك الجهود تعالج الإرهاب كظاهرة عالمية تاريخية اجتماعية، مع تقييمها دوريا ومتابعة قابلية تطوره وسبل التصدي له داخل المجتمع.
وأكد أهمية تحرير المصطلحات ذات الصلة بالتطرف والغلو والتكفير والإرهاب وتضمينها في المناهج الدراسية بالمملكة وتأطيرها قانونيا.