يواصل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، فرض ضرائب جديدة على المواطنين في مناطق سيطرته لتعويض خسائره نتيجة تشديد الحصار المالي عليه بقطع خطوط تهريب النفط.
وأفاد عدد من أهالي مدينة الرقة السورية أن داعش عممت مطلع شهر أيار/مايو "استمارة جباية الزكاة" على المزارعين، ورأى رجال دين أنها لا تتعدى كونها "سرقة" لأنها تفتقر لأبسط قواعد الزكاة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية.
عصام عثمان وهو من أبناء مدينة الرقة، الذي فضل استخدام اسم مستعار خوفا على سلامته، قال للشرفة إنه اطلع الاستمارة التي قام عناصر مركز الزكاة والصدقات التابعة لبيت المال الذي يعتبر وزارة المالية في داعش بتوزيعها.
وأوضح أن الاستمارة لا تتعلق فقط بالأراضي الزراعية المزروعة حبوبا كالقمح والشعير والحنطة، بل تشمل ايضا الماشية بأنواعها كالجمال والأبقار والاغنام والماعز.
وقد تم تخصيص خانة لأنواع الزكاة عن الذهب والفضة والأموال النقدية والعروض التجارية أو البضائع الموجودة لدى التجار، بحسب ما تابع عثمان.
جمع الزكاة غير مشروع
وأضاف أن داعش ومنذ سيطرتها على المنطقة بدأت بجباية الأموال تحت حجة الزكاة، إلا أن هذا العام تبدو اكثر تشددا بعملية الجباية بعد تركيز ضربات ضدها وفقدانها لمصادر التمويل.
وأشار إلى أن التنظيم يجمع الزكاة من المزارعين حتى أولئك الذين يزرعون قطع صغيرة من الأرض بالكاد تكفي حاجة عائلاتهم.
وأوضح عثمان أنه "من المعروف ان الزكاة مثلا لا تفرض الا على الذي يمتلك اكثر من 40 رأسا من الماشية الا ان التنظيم يفرضها مهما كان العدد".
وذكر أن نسبة الزكاة تصل على المزروعات إلى عشرة بالمائة من المحصول (أعلى من النسبة المحددة).
علي سعيد، وهو من أهالي مدينة الرقة ويعمل في مجال التجارة، والذي فضل أيضا استخدام اسم مستعار، قال للشرفة إن الزكاة التي فرضها مؤخرا تنظيم داعش تشمل أيضا أصحاب الأدوات الزراعية الخاصة بعمليات الحصاد والقطاف.
وأشار إلى أن "هؤلاء سبق لهم ودفعوا ضرائب للتنظيم وها هم الآن سيدفعون مجددا مع موسم الحصاد".
ورأى أنه وإضافة إلى جمع الأموال منهم، فإن عناصر التنظيم يحاولون التحكم بساعات العمل وحصولهم على المواد البترولية كالبنزين والمازوت للتشغيل حيث يشترونها بأسعار خيالية.
ولفت إلى أن التنظيم يأخذ الزكاة من المزارعين على شكل كميات من المحصول ليعود ويبيعها باسعار مرتفعة لزيادة أرباحه.
وأفاد بأن التنظيم يمنع أي مزارع من حصاد موسمه مهما كان قبل الحصول على الاوراق اللازمة التي تفيد دفعه للزكاة.
داعش تخالف الشريعة
أما من الجانب الديني، فقد رأى الشيخ معاذ عبد الكريم، الذي كان خطيبا في مسجد العمر في حلب السورية قبل أن ينتقل إلى القاهرة، أن تنظيم داعش يفرض الزكاة على كل المواشي التي يمتلكها المزارعون مهما كانت طريقة تربيتها أو عددها.
وقال للشرفة "وهذا أمر مخالف للشريعة الاسلامية واحكام جباية الزكاة من الاساس".
وأضاف عبد الكريم للشرفة أن جباية الزكاة لا تجوز عن المواشي التي تطعم بالعلف لفترة لا تقل عن خمسة أشهر أو أكثر، كما لا تفرض إلا على عدد معين من المواشي، فالابقار يجب أن تكون أكثر من 30 بقرة والأغنام 40 والابل خمسة.
وأوضح أن المواشي المخصصة للعمل أو الحراثة لا تستوجب عليها الزكاة.
وقال إن "ممارسات داعش لا تخرج عن كونها من أنواع الخوة التي تثقل كاهل المواطنين في ظل الحرب التي تعيشها سوريا".
وأضاف عبد الكريم أن المزارعين في سوريا يعانون في ظل ممارسات الجماعات المتطرفة حيث بالكاد تكفي محاصيلهم لاستهلاكهم الشخصي، خصوصا وأن غالبية العائلات تنتظر المواسم الزراعية للمونة لتستهلك خلال باقي أيام السنة.
وقال إن "الأصل في الزكاة هو اعادة توزيع الأموال على الفقراء والأرامل والأيتام فيما أن تنظيم داعش الارهابي يقوم باستغلال هذه الأموال لشراء الأسلحة ودفع رواتب مسلحيه".
وختم عبد الكريم قائلا إن "فرض الزكاة في أوقات الحروب وانتشار الفقر له ضوابطه التي تعفي المزارعين والفقراء على سبيل المثال من دفعها لمساعدتهم على تخطي المرحلة التي يمرون به".
وشدد على أن الأصل في الزكاة هو دفع الأموال التي من الممكن أن يتم الاستغناء عنها لمساعدة الغير كنوع من انواع التكافل الاجتماعي وليس ان يزيد الفقراء فقرا.