تربية

مدرسة جديدة تعيد الكلدان اللاجئين إلى المقاعد الدراسية في لبنان

نهاد طوباليان من بيروت

أطفال عراقيون كلدان مع أساتذتهم في صورة بعد نهاية نشاط أقيم لهم في مركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي في سد البوشرية. أفتتح المركز مؤخرا مدرسة ومركزا للتعليم المهني للأطفال الكلدان اللاجئين في لبنان. [حقوق الصورة لمركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي]

أطفال عراقيون كلدان مع أساتذتهم في صورة بعد نهاية نشاط أقيم لهم في مركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي في سد البوشرية. أفتتح المركز مؤخرا مدرسة ومركزا للتعليم المهني للأطفال الكلدان اللاجئين في لبنان. [حقوق الصورة لمركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي]

افتتحت مدرسة جديدة أبوبها مطلع شهر كانون الأول/ديسمبر للأطفال الكلدانيين اللاجئين إلى لبنان بعد أن مضى على غياب بعضهم عن الدراسة سنوات فيما لم يسبق لبعضهم الآخر أن ارتادوا المدرسة.

وافتتحت الكنيسة الكلدانية المدرسة في مجمع القديس توما الرسول التابع لمركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي الإجتماعي بمنطقة سد البوشرية شرق بيروت استجابة للحاجة المتزايدة.

ولم يكن الكثير من الأطفال الكلدان العراقيين والسوريين، ارتادوا المدرسة منذ 2013، حين لجأت عائلاتهم إلى لبنان هربا من تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) التي احتلت قراهم وبلداتهم.

وقد حالت ظروف الأهل المالية الصعبة واختلاف المناهج التربوية دون التحاق مئات الأطفال بالمدرسة.

أطفال عراقيون كلدان يشاركون في نشاط نظمه لهم مركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي في سد البوشرية في لبنان. [حقوق الصورة لمركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي]

أطفال عراقيون كلدان يشاركون في نشاط نظمه لهم مركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي في سد البوشرية في لبنان. [حقوق الصورة لمركز سيدة الرحمة الإلهية الرعوي]

وقد دفع ذلك مطرانية الكلدان في لبنان، بالشراكة مع الجمعية المسيحية الأرثوذكسية الدولية لأعمال الخير الإنسانية ومؤسسة الرؤيا العالمية، إلى إفتتاح مدرسة لهم.

كما وافتتح مركز للتدريب المهني، يوفر تعليم اللغة الانجليزية والكمبيوتر والمحاسبة، يتوقع أن يلتحق به عدد من اللاجئين الشباب .

واعتبر والد الطفل أندريه البالغ خمسة أعوام ولم يسبق أن التحق بالمدرسة، الياس عوصجي، أن إفتتاح المدرسة "فرصة حقيقية لتعليم ولدي، بعدما حالت أوضاعي المادية من تسجيله بمدرسة لبنانية".

وتابع للمشارق: "لم أستطع تسجيل وحيدي بأي مدرسة، لأن الأقساط المدرسية مرتفعة جدا، وأنا عاطل عن العمل. وبذلك، فإن افتتاح هذه المدرسة للأطفال العراقيين الكلدان، مهمة جدا، ليس فقط ليتعلم أبني، بل ليختلط أيضا بالأطفال، وليتحرر من حالة الانطواء التي يعيشها".

توفير التعليم الأساسي للاجئين

بدورها، رأت والدة ملاك، تسعة أعوام، ونور، خمسة أعوام، سهى سليمان بكلامها للمشارق أن المدرسة تعلم ابنتيها القراءة والكتابة، واكتساب لغة أجنبية، وتعلم الكمبيوتر.

واضافت سليمان أن لها ابنتان أخرتان، 12 و14 عاما، ترتادان المدرسة.

وأوضحت "لكن الصغيرتين، لم أسجلهما قبلا، لأن مردود عملي بالمنازل لا يسمح لي بذلك، خصوصا وأني منفصلة عن زوجي ولا أستطيع إعالتهن كما يجب".

وأكدت "أفرجت المدرسة همي، لا سيما وأنها قريبة من بيتنا".

بعد أقل من أسبوع على افتتاح المدرسة، يرتادها اليوم حوالي مائة طفل وفق ما قالت للمشارق استاذة اللغة العربية مريم جنانا جماني، وهي لاجئة من القوش بسهل نينوى العراقي ومتخصصة بالعلوم والفيزياء.

ولفتت إلى أن المدرسة تستقبل طلابا من عمر الخمسة أعوام حتى التاسعة.

معظم المسجلين، قالت جماني "يرتادون المدرسة للمرة الأولى، ويحتاجون لكثير من العمل لتعلم الأساسيات كالقراءة والكتابة والحساب".

خطوة تستجيب لحاجة ملحة

واعتبر رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي إفتتاح المدرسة ومركز التدريب والتأهيل يستجيب "لحاجة ملحة للاجئين العراقيين والسوريين بلبنان، بهدف تعليم أطفالهم".

ولفت قصارجي إلى أن الكثير من هؤلاء الأطفال لم يلتحق بالمدرسة، برغم وجودهم في لبنان منذ أكثر من خمس سنوات.

وقال للمشارق: لجأ للبنان منذ إجتياح داعش لمناطقهم بالعراق وسوريا ما يزيد عن الـ 4000 عائلة كلدانية، ويعيشون من حينه بظروف صعبة جداً حالت دون تسجيل معظم العائلات أطفالها بالمدرسة".

ورأى قصارجي أن أسباب أخرى أبعدت الأطفال عن الدراسة ومنها اعتبار العائلات أن وجودها بلبنان محطة مرحلية قبل توجهها لبلد آخر كوجهة نهائية لها.

وتابع: "بعدما أدركت العائلات أن إقامتها بلبنان ستطول، لم تستطع تسجيل أطفالها بالمدارس اللبنانية الرسمية بسبب برامجها التربوية المختلفة عن تلك العراقية".

هذا وقد خصصت "الدولة اللبنانية لهم مدارس محددة لكنهم لم يلتحقوا بها لعدم حيازتهم على إقامة"، وفق ما أشار.

إتاحة متابعة الدراسة

إزاء هذا الواقع، اضاف قصارجي "لا يمكننا ككنيسة إبقاء أطفال الطائفة من دون علم".

وقال "لذا قررنا إفتتاح مدرسة خاصة للاجئين العراقيين والسوريين بمجمع القديس توما الرسول" بمنطقة سد البوشرية.

وجرى تأهيل المدرسة الممتدة على مساحة 500 متر مربع داخل المجمع بما تحتاجه من معدات وأثاث خاص بالتعليم.

وأشار قصارجي إلى أن المدرسة "أعدت لاستقبال أكثر من ألف طالب لاجئ عراقي وسوري كلداني، بمعدل 500 طالب للفترة الصباحية و500 لفترة بعد الظهر، ومن عمر خمس سنوات وما فوق".

المدرسة التي افتتحت أبوابها للطلاب بدءا من 4 كانون الأول/ ديسمبر تساعد الطلاب على التعلم على يد أساتذة متخصصين بإشراف الجمعية المسيحية الأرثوذكسية الدولية، قال قصارجي.

وختم قصارجي بقوله: "إن المدرسة ومركز التدريب يسدان فراغا، كما يلبيان حاجة ملحة لأبنائنا الذين إضطرتهم المنظمات الإرهابية، وأفعالهم الجرمية بحقهم، للجوء للبنان".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500