تربية

برامج اليونيسكو تعزز المواطنة العالمية وتواجه التطرف

نهاد طوباليان من بيروت

تنظم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ورشة عمل في بيروت لتدريب المعلمين على برنامج التربية للمواطنة العالمية. [حقوق الصورة لمكتب اليونيسكو في بيروت]

تنظم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ورشة عمل في بيروت لتدريب المعلمين على برنامج التربية للمواطنة العالمية. [حقوق الصورة لمكتب اليونيسكو في بيروت]

سيحضر اللاجئون السوريون والمواطنون اللبنانيون حصصًا تربوية حول المواطنة العالمية في المدارس اللبنانية هذا العام مصممة لتعزيز التسامح ومواجهة الفكر المتطرف العنيف.

يهدف كل من برنامج التربية من أجل المواطنة العالمية وبرنامج منع التطرف العنيف من خلال التربية، اللذين طورتهما منظمة اليونيسكو، لتشجيع القيم الإنسانية وتربية جيل ينخرط في مجتمعات محلية وعالمية سلمية بعيدًا عن لغة العنف.

عن المبادرة وتنفيذها، تحدثت ميسون شهاب المسؤولة عن البرنامجين بمنظمة اليونسكو للمشارق.

المشارق:ما هي البرامج التربوية والثقافية الجديدة التي تعمل عليها منظمة اليونسكو في لبنان؟

ميسون شهاب:يعمل مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) الإقليمي في بيروت على برامج تربوية لتعزيز ثقافة السلام واللاعنف بالمجتمع اللبناني الذي يرزح تحت عبء اللجوء السوري.

حيث برزت الحاجة للناس لتعلم كيفية العيش معًا في ظل التوترات والنزاعات التي تنشأ.

لقد طورنا برنامج التربية على المواطنة العالمية لتعميم 'حسن الانتماء' لمجتمع عالمي ومفهوم مشترك للبشرية وليختبر المواطن، اللبناني والسوري على حد سواء، التضامن والهوية والمسؤولية المشتركة للترويج لعالم ومستقبل أفضل.

المشارق:وكيف يتم ذلك؟

شهاب:نعمل على بناء المعرفة والمهارات والقيم والسلوكيات التي يحتاجها الطلاب، سواء كانوا لبنانيين أم سوريين، ليتمكنوا من المساهمة في إرساء عالم أكثر عدلًا وسلامًا وتسامحًا.

والهدف هو تمكين الطلاب من الانخراط وتولي أدوار ناشطة محليًا وعالميًا وذلك عبر تمكين الطلاب وتطوير فهمهم أكثر لبنى الحوكمة والحقوق والمسؤوليات والقضايا العالمية.

وهذا له أهمية على نحو خاص حيث أن هذه القضايا، مثل النزاعات المسلحة والحروب والهجرة القسرية، تؤثر على الجميع.

المشارق:ما هي المنهجية المعتمدة لتعليم التربية على المواطنة العالمية؟

شهاب: نتبع مقاربات متعددة الأوجه نستخدم فيها مناهج مطبقة بمجالات التربية، منها مثلًا حقوق الإنسان والتعلم من أجل السلام والتنمية المستدامة والتفاهم الدولي والعدالة الاجتماعية وغيرها من الأمور.

ويتم إدخال هذه المقاربات بالمنهج التربوي اللبناني وضمن الكتب المدرسية أو خارج المنهج.

ونتطلع لأن تُطبق بالمجتمعات المحلية.

وما نعد له قابل للتطبيق بالمدارس النظامية وغير النظامية.

وسيكون هناك عمل لتطوير مفهوم المواطنة لدى الجميع، لأنها تاريخيًا لم تطل كل فئات المواطنين.

المشارق: هل البرنامج موجه لفئة عمرية معينة؟

شهاب: إن التربية على المواطنة العالمية هو برنامج تعلمي لمدى الحياة، ويبدأ بسن الطفولة المبكرة، لأنه كلما عِملنا على الأطفال كلما كانت النتائج أفضل، على أن تستمر خلال كل المراحل التعليمية.

المواضيع التي يطرحها البرنامج توجب انخراط كل الطلاب لتثقيفهم على مفاهيم جديدة بحياتهم، كالاعتراف بالاختلاف والهويات المتعددة والأديان واللغات ونوع الجنس.

فما يقدمه البرنامج من تطوير للمهارات للعيش بعالم متنوع يسمح بتغيير سلوكيات الطلاب، حيث يتم تعليمهم الاهتمام بالآخرين والتعاطف معهم واحترام التنوع.

المشارق: هل يُطبق هذا البرنامج ببلدان أخرى غير لبنان؟

شهاب: يُطبق بلبنان وسوريا وعدة دول عربية، بعدما عقدنا مؤتمرات إقليمية ولقاءات استشارية بين تربويين للوقوف على رأيهم، ومع صناع قرار لكسب دعمهم.

شجعتنا اللقاءات على جعل البرنامج قابلًا للتطبيق في بلدان عديدة، وذلك بالتعاون مع وزارات التربية في تلك البلاد.

ففي لبنان مثلًا، نعمل عبر وزارة التربية والتعليم العالي مع كلية التربية بالجامعة اللبنانية على إدراج مفاهيم التربية على المواطنة العالمية بالمناهج وتنظيم ورش عمل لتدريب مدرسين ومنسقين على كيفية تطبيقه بالمدارس اللبنانية.

المشارق: كيف يُطبق البرنامج بسوريا؟

شهاب: عملنا مباشرة على الكتب المدرسية بإشراف المركز التربوي السوري، ونظمنا ورش عمل للاختصاصيين بإعداد المناهج وكتابة الكتب المدرسية.

فجرى تضمين كل المناهج التعليمية التربية على المواطنة العالمية، كقيم حقوق الإنسان ونبذ العنف واحترام الآخر والتسامح والعدالة والحوار والتنوع والسلام.

طبعت الكتب منذ شهرين، وستعتمد للعام الدراسي الحالي.

المشارق: وماذا بشأن برنامج منع التطرف العنيف من خلال التعليم؟

شهاب: مما لا شك فيه أن التطرف العنيف هو من أكبر التحديات التي يواجهها عالمنا، خصوصًا أن جيل الشباب هم الأكثر تأثرًا برسائل المتطرفين العنيفة والمنظمات الإرهابية.

يشير التطرف العنيف إلى معتقدات وأفعال أشخاص يدعمون ويستخدمون العنف الذي تحركه الأيديولوجيا لبلوغ وجهات نظر أيديولوجية دينية أو سياسية معينة. لذا، يحتاج الشباب فرصة تعلم مناسبة لتطوير المعارف والمهارات والمواقف لمقاومة الحملات التي تروج للعنف.

وبذلك، فإن عملنا كمنظمة وتربويين يقضي بمنع التطرف العنيف قبل حصوله، وليس بعد حصوله.

المشارق: ما أبرز ما يقدمه البرنامج؟

شهاب: مع أن هدف البرنامج وقائي، نساعد الطلاب والشباب على تطوير مهارات ضرورية وأخرى شخصية حول الحوار وتعلم كيفية مواجهة الاختلاف وتعلم مقاربات مسالمة وتطوير التفكير النقدي.

يتضمن التفكير النقدي التحري عن الادعاءات والتحقق من الشائعات، والتساؤل حول شرعية بعض المعتقدات المتطرفة.

نساعد الطلاب على تعزيز قدراتهم على الصمود بوجه كل الأفكار المتطرفة التي توضع أمامهم. كما نعمل على المهارات الاجتماعية والعاطفية التي يحتاجها الطلاب لتجاوز الشكوك والمشاركة بشكل بنّاء بالمجتمع من دون اللجوء للعنف.

نطور مواطنين مطلعين على كل وجهات النظر بشكل نقدي وقادرين على المشاركة بالعمل الجماعي المسالم.

المشارق: ما هي آلية تطبيق البرنامج؟

شهاب: طورنا دليلًا للمعلمين وسنباشر باعتماده قريبًا جدًا في لبنان وسوريا ومصر ودول عربية أخرى.

ويُعْرَف باسم 'دليل المعلم حول منع التطرف العنيف'.

سيسمح الدليل للأستاذ داخل الصف إدارة نقاشات حول مواضيع معينة بشكل مهني وكفؤ.

وسيخصص له بالمدارس حصة بعنوان 'منع التطرف العنيف'، وسيناقش خلالها موضوعات مختلفة مثل المواطنة العالمية، كي تتم مناقشتها بين الطلاب بشكل هادف.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500