إرهاب

تدمير داعش لجامع النوري 'إقرار بالهزيمة'

خالد الطائي

المنارة المائلة لجامع النوري بالموصل وهي تُشاهد من داخل الجامع في هذه الصورة الأرشيفية. وقد دمر تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) كلًا من الجامع والمنارة يوم 21 حزيران/يونيو [حقوق الصورة للموسوعة العسكرية العراقية]

المنارة المائلة لجامع النوري بالموصل وهي تُشاهد من داخل الجامع في هذه الصورة الأرشيفية. وقد دمر تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) كلًا من الجامع والمنارة يوم 21 حزيران/يونيو [حقوق الصورة للموسوعة العسكرية العراقية]

فجّر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) جامع النوري الكبير ومئذنته التاريخية التي تعود للقرن الثاني عشر قبل انسحابه منه يوم 21 حزيران/يونيو عندما تقدمت القوات العراقية وأصبحت على مقربة منه.

وتظهر منارة الحدباء الخاصة بالجامع، حيث أعلن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي إنشاء "خلافته" المزعومة عام 2014، على العملة العراقية فئة عشرة آلاف دينار، كما كانت تشكل أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة.

وفي بيان صدر بعد إعلان الخبر، وصف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تدمير التنظيم للجامع بأنه "إقرار رسمي بالهزيمة"، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويقع المسجد التاريخي بداخل المدينة القديمة في الموصل، وهي آخر مناطق المدينة التي تخضع لسيطرة داعش، والتي كانت القوات العراقية تحاصرها منذ شهر آذار/مارس.

قبل أن يتحول لكومة من الأنقاض على يد تنظيم داعش يوم 21 حزيران/يونيو، كان جامع النوري التاريخي بالموصل يزين أفق المدينة طيلة قرون[حقوق الصورة لاموسوعة العسكرية العراقية]

قبل أن يتحول لكومة من الأنقاض على يد تنظيم داعش يوم 21 حزيران/يونيو، كان جامع النوري التاريخي بالموصل يزين أفق المدينة طيلة قرون[حقوق الصورة لاموسوعة العسكرية العراقية]

كانت المنارة المائلة بجامع النوري في الموصل، التي تُعرف باسم الحدباء، رمزًا للمدينة لمئات السنين، وهي تظهر على العملة العراقية فئة 10 آلاف دينار. وقد قام تنظيم داعش بتفجيرها يوم 21 حزيران/يونيو [حقوق الصورة للموسوعة العسكرية العراقية]

كانت المنارة المائلة بجامع النوري في الموصل، التي تُعرف باسم الحدباء، رمزًا للمدينة لمئات السنين، وهي تظهر على العملة العراقية فئة 10 آلاف دينار. وقد قام تنظيم داعش بتفجيرها يوم 21 حزيران/يونيو [حقوق الصورة للموسوعة العسكرية العراقية]

زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي وهو ينزل من المنبر في جامع النوري بالموصل بعد إعلان إقامة 'خلافة' في هذه اللقطة المأخوذة من الشاشة من شريط فيديو يعود تاريخه لحزيران/يونيو 2014.

زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي وهو ينزل من المنبر في جامع النوري بالموصل بعد إعلان إقامة 'خلافة' في هذه اللقطة المأخوذة من الشاشة من شريط فيديو يعود تاريخه لحزيران/يونيو 2014.

[ارشيف]

[ارشيف]

وكانت القوات العراقية قد تقدمت للمدينة القديمة ليلة الأربعاء، وكانت تستعد لاقتحام الجامع وطرد عناصر داعش منه، بعدما قامت بتأمين الحارات والشوارع المحيطة بالمكان.

ووفقا لبيان صادر عن خلية الإعلام الحربي، قال قائد عمليات نينوى الفريق الركن عبد الأمير يارالله إن التفجير حدث حين أصبحت قوات جهاز مكافحة الإرهاب على بعد خمسين مترًا من الجامع.

ووصف يارالله تدمير الجامع والمنارة بأنها "جريمة تاريخية أخرى" ارتكبتها داعش.

هزيمة رمزية

وكان تنظيم داعش قد فخخ الجامع بالكامل في وقت سابق، وفقا لماجد الغراوي عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي.

وصرح لديارنا أن تنظيم داعش كان متهيئًا لتفجير المسجد بمجرد اقتراب قوات التحرير "حين تأكد أن كل شيء انتهى وأن سيطرة قواتنا على الجامع محتومة".

وتابع أن التنظيم لم يخطط للانسحاب من الجامع وتركه سليمًا "لكي تعلن قوات التحرير من داخله انتهاء معركة الموصل"، حيث أن "للجامع خصوصية رمزية بين عناصر داعش".

وقال "لم يكونوا مستعدين لتقبل أن هذا الصرح الديني الذي أعلنوا فيه إقامة خلافتهم المزعومة هو نفسه سيشهد إعلان هزيمتهم".

وكان زعيم داعش أبو بكر البغدادي قد ظهر لأول مرة على منبر الجامع في الرابع من تموز/يوليو 2014 ليعلن خلال خطبة الجمعة قيام ما أسماها "دولة الخلافة" وتنصيب نفسه "خليفة للمسلمين".

ونوّه الغراوي بأن تدمير جامع النوري "وصمة عار أخرى" في جبين داعش.

وقال "هذه الجريمة لا تعّبر فقط عن خيبة أمل الإرهابيين، وإنما تعكس مرارة الهزيمة النكراء وحالة التخبط التي يشعرون بها الآن".

'آخر معلم تاريخي في الموصل'

ومنذ اجتياح تنظيم داعش للموصل والمنطقة المحيطة،فجر مواقع أثرية ومبان تاريخية هامة، كان أشهرها جامع النبي يونس(مرقد النبي يونس) ومدينة النمرود التاريخية.

وقد كانت المئذنة المائلة للجامع، الذي سُمي على اسم السلطان نور الدين زنكي وأُكمل عام 1172 ميلاديه، رمزًا لمدة طويلة للهوية الثقافية للموصل.

وصرح عبد الرحمن الوكاع عضو مجلس محافظة نينوى لديارنا أن الجامع كان "المعلم التاريخي الأخير في الموصل بعد تدمير داعش لجميع المعالم الحضارية والإنسانية الأخرى بالمدينة".

وقال "بعد وصول المعارك للمنطقة القديمة، ساورنا قلق كبير من إقدام الإرهابيين على هدم أو تخريب ذلك الصرح".

ويضيف أنه مع تدمير الجامع، "فقد خسرنا إرثًا ظل شامخًا لقرون متحديًا على مر التاريخ غزاة وحروب وكوارث كثيرة".

وتابع الوكاع "من المؤسف حقًا أن تُطوى الصفحة الأخيرة لمعارك التحرير بعمل إجرامي وجبان من الإرهاب يستهدف آخر ما تبقى للموصليين من شواهد كانت تشتهر بها مدينتهم".

ويتفق حسن شبيب عضو اللجنة الأمنية بمجلس محافظة نينوى مع ما ذهب له الوكاع، وقال إنه كانت هناك مخاوف من إقدام داعش على تفجير الجامع، حيث أنهم "دمروا قبل ذلك جوامع وأضرحة ومقامات دون أدنى التفات للاعتبارات الدينية".

وأضاف في تصريح لديارنا "كنّا نتوقع تفجير الإرهابيين للجامع في أية لحظة"، مشيرًا إلى أن عناصر داعش "لم يتركوا عملًا قبيحًا إلا وفعلوه".

حقبة مظلمة تنتهي في المدينة

وقوبل التدمير الوحشي لجامع النوري بموجة سخط وإدانة على صعيد العراق والعالم.

ووصف شبيب هجوم داعش بأنه "دليل على الذهنية الانتقامية والفكر المريض" للمسلحين، و"إقرار رسمي بالهزيمة من جانب داعش".

وشدد شبيب على أن "وجود داعش بالمدينة صار بحكم المنتهي. عمليات التحرير تركز حاليًا على كيفية حماية أرواح القاطنين بالمنطقة القديمة والذين تُقدر أعدادهم بنحو مائة ألف نسمة".

وذكر "بعد إنهاء حكم الإرهاب، كل شيء قابل لإعادة الإعمار والبناء"، مبينًا "الشيء الوحيد الذي لا يُعوض هو حياة المدنيين".

واستطرد بالقول "هذه الحقبة المظلمة من تاريخ مدينتنا في طريقها للزوال"، مؤكدًا، إلى جانب كثيرين آخرين، على ضرورة إعادة بناء مسجد النوري "بأسرع وقت" بعد انتهاء القتال.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500